انقطعت بالموت فصار كالأجنبي وعند أبي يوسف يجب عليه كفنها كما تجب عليه كسوتها في حال حياتها ولا يجب على المرأة كفن زوجها بالاجماع كما لا يجب عليها كسوته في حال الحياة وان لم يكن له مال ولا من ينفق عليه فكفنه في بيت المال كنفقته في حال حياته لأنه أعد لحوائج المسلمين وعلى هذا إذا نبش الميت وهو طري لم يتفسخ بعد كفن ثانيا من جميع المال لان حاجته إلى الكفن في المرة الثانية كحاجته إليه في المرة الأولى فان قسم المال فهو على الوارث دون الغرماء وأصحاب الوصايا لان بالقسم انقطع حق الميت عنه فصار كأنه مات ولا مال له فيكفنه وارثه إن كان له مال وان لم يكن له مال ولا من تفترض عليه نفقته فكفنه في بيت المال بمنزلة نفقته في حال حياته وان نبش بعد ما تفسخ وأخذ كفنه كفن في ثوب واحد لأنه إذا تفسخ خرج عن حكم الآدميين الا ترى انه لا يصلى عليه فصار كالسقط والله أعلم ثم إذا كفن الميت يحمل على الجنازة * (فصل) * والكلام في حمله على الجنازة في مواضع في بيان كمية من يحمل الجنازة وكيفية حملها وتشييعها ووضعها وما يتصل بذلك مما يسن وما يكره اما بيان كمية من يحمل الجنازة وكيفية حملها فالسنة في حمل الجنازة ان يحملها أربعة نفر من جوانبها الأربع عندنا وقال الشافعي السنة حملها بين العمودين وهو ان يحملها رجلان يتقدم أحدهما فيضع جانبي الجنازة على كتفيه ويتأخر الآخر فيفعل مثل ذلك وهذا النوع من الحمل مكروه كذا ذكره الحسن ابن زياد في المجرد واحتج الشافعي بما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم حمل جنازة سعد بن معاذ بين العمودين واما ما روى عن عبد الله بن مسعود أنه قال السنة ان تحمل الجنازة من جوانبها الأربع وروى أن ابن عمر رضي الله عنهم ا كان يدور على الجنازة من جوانبها الأربع ولان عمل الناس اشتهر بهذه الصفة وهو آمن من سقوط الجنازة وأيسر على الحاملين المتداولين بينهم وأبعد من تشبيه حمل الجنازة بحمل الأثقال وقد أمرنا بذلك ولهذا يكره حملها على الظهر أو على الدابة وأما الحديث فتأويله انه كان لضيق المكان أو لعوز الحاملين ومن أراد اكمال السنة في حمل الجنازة ينبغي له ان يحملها من الجوانب الأربع لما روينا عن ابن عمر رضي الله عنهما انه كان يدور على الجنازة على جوانبها الأربع فيضع مقدم الجنازة على يمينه ثم مؤخرها على يمينه ثم مقدمها على يساره ثم مؤخرها على يساره كما بين في الجامع الصغير وهذا لان النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب التيامن في كل شئ وإذا حمل هكذا حصلت البداية بيمين الحامل ويمين الميت وإنما بدانا بالأيمن المقدم دون المؤخر لان المقدم أول الجنازة والبداية بالشئ إنما تكون من أوله ثم يضع مؤخرها الأيمن على يمينه لأنه لو وضع مقدمها الأيسر على يساره لاحتاج إلى المشي امامها والمشي خلفها أفضل ولأنه لو فعل ذلك أو وضع مؤخرها الأيسر على يساره لقدم الأيسر على الأيمن ثم يضع مقدمها الأيسر على يساره لأنه لو فعل كذلك يقع الفراغ خلف الجنازة فيمشي خلفها وهو أفضل كذلك كان الحمل ولكمال السنة كما وصفنا من الترتيب وينبغي ان يحمل من كل جانب عشر خطوات لما روى في الحديث من حمل جنازة أربعين خطوة كفرت أربعين كبيرة وأما جنازة الصبي فالأفضل ان يحملها الرجال ويكره ان توضع جنازته على دابة لان الصبي مكرم محترم كالبالغ ولهذا يصلى عليه كما يصلى على البالغ ومعنى الكرامة والاحترام في الحمل على الأيدي فاما الحمل على الدابة فإهانة له لأنه يشبه حمل الأمتعة وإهانة المحترم مكروه ولا بأس بان يحمله راكب على دابته وهو أن يكون الحامل له راكبا لان معنى الكرامة حاصل وعن أبي حنيفة في الرضيع والفطيم لا بأس بان يحمل في طبق يتداولونه والله أعلم والاسراع بالجنازة أفضل من الابطاء لما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال عجلوا بموتاكم فان يك خيرا قدمتموه إليه وان يك شرا ألقيتموه عن رقابكم وفى رواية فبعدا لأهل النار لكن ينبغي أن يكون الاسراع دون الخبب لما روى عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المشي بالجنازة فقال ما دون الخبب ولان الخبب يؤدى إلى الاضرار بمشيعي الجنازة ويقدم الرأس في حال حمل الجنازة لأنه من أشرف الأعضاء فكان تقديمه أولى ولان معنى الكرامة في التقديم واما كيفية التشييع فالمشي خلف الجنازة أفضل عندنا وقال الشافعي المشي امامها أفضل واحتج بما روى الزهري عن سالم عن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر
(٣٠٩)