الصلاة والفرق ان الخرق إنما يمنع جواز المسح لظهور مقدار فرض المسح فإذا كان متفرقا فلم يظهر مقدار فرض المسح من كل واحد منهما والمانع من جواز الصلاة في النجاسة هو كونه حاملا للنجاسة ومعنى الحمل متحقق سوءا كان في خف واحد أو في خفين (ومنها) أن يمسح على ظاهر الخف حتى لو مسح على باطنه لا يجوز وهو قول عمر وعلى وأنس رضي الله عنهم وهو ظاهر مذهب الشافعي وعنه انه لو اقتصر على الباطن لا يجوز والمستحب عندنا الجمع بين الظاهر والباطن في المسح الا إذا كان على باطنه نجاسة وحكى إبراهيم بن جابر في كتاب الاختلاف الاجماع على أن الاقتصار على أسفل الخف لا يجوز وكذا لو مسح على العقب أو على جانبي الخف أو على الساق لا يجوز والأصل فيه ما روى عن عمر رضي الله عنه أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بالمسح على ظاهر الخفين وعن علي رضي الله عنه أنه قال لو كان الدين بالرأي لكان باطن الخف أولى بالمسح من ظاهره ولكني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بمسح على ظاهر خفيه دون باطنهما ولان باطن الخف لا يخلو عن لوث عادة فالمسح عليه يكون تلويثا لليد ولان فيه بعض الحرج وما شرع المسح الا لدفع الحرج ولا تشترط النية في المسح على الخفين كمالا تشترط في مسح الرأس والجامع أن كل واحد منهما ليس ببدل عن الغسل بدليل انه يجوز مع القدرة على الغسل بخلاف التيمم وكذا فعل المسح ليس بشرط لجوازه بدونه أيضا بل الشرط إصابة الماء حتى لو خاض الماء أو أصابه المطر جاز عن المسح ولو مر بحشيش مبتل فأصاب البلل ظاهر خفيه إن كان بلل الماء أو المطر جاز وإن كان بلل الطل قيل لا يجوز لان الطل ليس بماء * (فصل) * وأما مقدار المسح فالمقدار المفروض هو مقدار ثلاث أصابع طولا وعرضا ممدودا أو موضوعا وعند الشافعي المفروض هو أدنى ما ينطلق عليه اسم المسح كما قال في مسح الرأس ولو مسح بأصبع أو إصبعين ومدهما حتى بلغ مقدار ثلاث أصابع لا يجوز عندنا خلافا لزفر كما في مسح الرأس ولو مسح بثلاث أصابع منصوبة غير موضوعة ولا ممدودة لا يجوز بلا خلاف بين أصحابنا ولو مسح بأصبع واحد ثلاث مرات وأعادها في كل مرة إلى الماء يجوز كما في مسح الرأس ثم الكرخي اعتبر التقدير فيه بأصابع الرجل فإنه ذكر في مختصره إذا مسح مقدار ثلاث أصابع من أصابع الرجل أجزأه فاعتبر الممسوح لان المسح يقع عليه وذكر ابن رستم عن محمد انه لو وضع ثلاثة أصابع وضعا أجزأه وهذا يدل على أن التقدير فيه بأصابع اليد وهو الصحيح لما روى في حديث علي رضي الله عنه أنه قال في آخره لكني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه خطوطا بالأصابع وهذا خرج مخرج التفسير للمسح أنه الخطوط بالأصابع والأصابع اسم جمع وأقل الجمع الصحيح ثلاثة فكان هذا تقديرا للمسح بثلاث أصابع اليد ولان الفرض يتأدى بيه بيقين لأنه ظاهر محسوس فاما أصابع الرجل فمستترة بالخف فلا يعلم مقدارها الا بالحرز والظن فكان التقدير بأصابع اليد أولى * (فصل) * وأما بيان ما ينقض المسح وبيان حكمه إذا انتقص فالمسح ينتقض بأشياء (منها) انقضاء مدة المسح وهي يوم وليلة في حق المقيم وفى حق المسافر ثلاثة أيام ولياليها لان الحكم الموقت إلى غاية ينتهى عند وجود الغاية فإذا انقضت المدة يتوضأ ويصلى إن كان محدثا وان لم يكن محدثا يغسل قدميه لا غير ويصلى (ومنها) نزع الخفين لأنه إذا نزعهما فقد سرى الحدث السابق إلى القدمين ثم إن كان محدثا يتوضأ بكماله ويصلى وان لم يكن محدثا يغسل قدميه لا غير ولا يستقبل الوضوء وللشافعي قولان في قول مثل قولنا وفى قول يستقبل الوضوء وجهه ان الحدث قد حل ببعض أعضائه والحدث لا يتجزأ فيتعدى إلى الباقي (ولنا) ان الحدث السابق هو الذي حل بقدميه وقد غسل بعده سائر الأعضاء وبقيت القدمان فقط فلا يجب عليه الا غسلهما وهو مذهب عبد الله بن عمر وكذلك إذا نزع أحدهما انه ينتقض مسحه في الخفين وعليه نزع الباقي وغسلهما لا غير أن لم يكن محدثا الوضوء بكماله إن كان محدثا وعن إبراهيم النخعي فيه ثلاثة أقوال في قول مثل قولنا وفى قول لا شئ عليه إذ لا يعقل حدثا وفى قول يستقبل الوضوء وجه هذا القول إن الحدث لا يتجزأ فحلوله بالبعض كحلوله
(١٢)