وقد قدر فإذا أدى انعقدت جمعته فرضا ولا تنعقد فرضا الا بعد ارتفاض الظهر لان اجتماع فرضى الوقت لا يتصور فيرتفض ظهره ضرورة انعقاد الجمعة فرضا وعند زفر لا يرتفض ظهره لان الظهر عنده خلف عن الجمعة فكان شرطه العجز عن الأصل وقد تحقق عند الأداء فصح الخلف فالقدرة على الأصل بعد ذلك لا تبطله وأما غير المعذور إذا صلى الظهر في بيته ثم خرج إلى الجمعة فهذا على أربعة أوجه أحدها إذا خرج من بيته وكان الامام قد فرغ من الجمعة حين لا يرتفض ظهره بالاجماع والثاني إذا حضر الجامع وشرع في الجمعة وأتمها مع الامام يرتفض ظهره عند علمائنا الثلاثة لما ذكرنا وأما عند زفر فلا يقع ظهره فرضا أصلا لأنه خلف فيشترط له العجز عن الأصل ولم يوجد والثالث إذا شرع في الجمعة ثم تكلم قبل اتمام الجمعة مع الامام يرتفض ظهره في قول أبي حنيفة وفى قول أبى يوسف ومحمد لا يرتفض كذا ذكر الحسن بن زياد الاختلاف في كتاب صلاته والرابع إذا حضر الجامع وقد كان فرغ الامام من الجمعة وحين خرج من البيت كان لم يفرغ فهو على هذا الاختلاف وحاصل الاختلاف أن عند أبي حنيفة بأداء بعض الجمعة يرتفض ظهره وكذا بوجود ما هو من خصائص الجمعة وهو السعي وعندهما لا يرتفض وجه قولهما في المسئلتين أن ارتفاض الظهر لضرورة صيرورة الجمعة فرضا لان اجتماع فرضى الوقت لا يتحقق ولم يوجد فلم يرتفض الظهر وهذا لان الحكم ببطلان ما صح وفرغ منه من حيث الظاهر لا يكون الا عن ضرورة ولا ضرورة قبل تمام الجمعة ووقوعها فرضا ولأبي حنيفة أن ما أدى من البعض انعقد فرضا ولم ينعقد الفعل من الجمعة مع بقاء الظهر فرضا فكان من ضرورة انعقاد هذا الجزء من الجمعة فرضا ارتفاض الظهر وكذا السعي إلى الجمعة من خصائص الجمعة فكان ملحقا بها ولن ينعقد فرضا مع بقاء الظهر فرضا وكان من ضرورة وقوعه فرضا ارتفاض الظهر به علل الشيخ أبو منصور الماتريدي وعلى هذا إذا شرع الرجل في صلاة الجمعة ثم تذكر ان عليه الفجر فهذا على ثلاثة أوجه إن كان بحال لو اشتغل بالفجر لا تفوته الجمعة فعليه أن يقطع الجمعة ويبدأ بالفجر ثم بالجمعة مراعاة للترتيب فإنه واجب عندنا وإن كان بحال لو اشتغل بالفجر تفوته الجمعة والظهر عن الوقت يمضى فيها ولا يقطع بالاجماع لان الترتيب ساقط عنه لضيق الوقت وإن كان بحال لو اشتغل بالفجر تفوته الجمعة ولكن لا يفوته الظهر فعلى قول أبي حنيفة وأبى يوسف يصلى الفجر ثم يصلى الظهر ولا تجزئه الجمعة وعلى قول محمد يمضى في الجمعة ولا يقطع لان عنده فرض الوقت هو الجمعة وهو يخاف فوتها لو اشتغل بالفجر فيسقط عنه الترتيب كما لو تذكر العشاء في صلاة الفجر وهو يخاف طلوع الشمس لو اشتغل بالعشاء وعندهما فرض الوقت هو الظهر وأنه لا يفوت بالاشتغال بالفائتة فلا يسقط الترتيب والله أعلم * (فصل) * وأما بيان شرائط الجمعة فللجمعة شرائط بعضها يرجع إلي المصلى وبعضها يرجع إلى غيره أما الذي يرجع إلى المصلى فستة العقل والبلوغ والحرية والذكورة والإقامة وصحة البدن فلا تجب الجمعة على المجانين والصبيان والعبيد الا باذن مواليهم والمسافرين والزمني والمرضى أما العقل والبلوغ فلان صلاة الجمعة اختصت بشرائط لم تشترط في سائر الصلوات ثم لما كنا شرطا لوجوب سائر الصلوات فلأن يكونا شرطا لوجوب هذه الصلاة أولى وأما الحرية فلان منافع العبد مملوكة لمولاه الا فيما استثنى وهو أداء الصلوات الخمس على طريق الانفراد دون الجماعة لما في الحضور إلى الجماعة وانتظار الامام والقوم من تعطيل كثير من المنافع على المولى ولهذا لا يجب عليه الحج والجهاد وهذا المعنى موجود في السعي إلى الجمعة وانتظار الامام والقوم فسقطت عنه الجمعة وأما الإقامة فلان المسافر يحتاج إلى دخول المصر وانتظار الامام والقوم فيتخلف عن القافلة فيلحقه الحرج وأما المريض فلانه عاجز عن الحضور أو يلحقه الحرج في الحضور وأما المرأة فلأنها مشغولة بخدمة الزوج ممنوعة عن الخروج إلى محافل الرجال لكون الخروج سببا للفتنة ولهذا لا جماعة عليهن ولا جمعة عليهن أيضا والدليل على أنه لا جمعة على هؤلاء ما روى عن جابر عن رسول اله صلى الله عليه وسلم أنه قال من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه الجمعة الا
(٢٥٨)