المكان وهي دار الاسلام ولو وجد في دار الحرب فإن كان معه سيما المسلمين يغسل ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين بالاجماع وان لم يكن معه سيما المسلمين ففيه روايتان والصحيح انه لا يغسل ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين والحاصل انه لا يشترط الجمع بين السيما ودليل المكان بل يعمل بالسيما وحده بالاجماع وهل يعمل بدليل المكان وحده فيه روايتان والصحيح انه يعمل به لحصول غلبة الظن عنده ومنها أن لا يكون ساعيا في الأرض بالفساد فلا يغسل البغاة وقطاع الطريق والمكاثرون والخناقون إذا قتلوا لان المسلم يغسل كرامة له وهؤلاء لا يستحقون الكرامة بل الإهانة وعن الفقيه أبى الحسن الرستغفني صاحب أبى منصورا لما تريدي ان الباغي لا يغسل ولا يصلى عليه لان الغسل حقه فيؤتى به والصلاة حق الله تعالى فلا يصلى عليه إهانة له كالكافر انه يغسل ولا يصلى عليه كذا ذكره في العيون وعن محمد ان من قتل مظلوما لا يغسل ويصلى عليه ومن قتل ظالما يغسل ولا يصلى عليه والباغي قتل ظالما فيغسل ولا يصلى عليه ومنها وجود الماء لان وجود الفعل مقيد بالوسع ولا وسع مع عدم الماء فسقط الغسل ولكن ييمم بالصعيد لان التيمم صلح بدلا عن الغسل في حال الحياة فكذا بعد الموت غير أن الجنس ييمم الجنس بيده لأنه يباح له مس مواضع التيمم منه من غير شهوة كما في حالة الحياة فكذا بعد الموت وأما غير الجنس فإن كانا ذوي رحم محرم فكذلك لما قلنا وإن كانا أجنبيين فإن لم يكونا زوجين ييميه بخرقة تستر يده لان حرمة المس بينهما ثابتة كما في حالة الحياة الا إذا كان أحدهما مما لا يشتهى كالصغير أو الصغيرة فييممه من غير خرقة وإن كانا زوجين فالمرأة تيمم زوجها بلا خرقة لأنها تغسله بلا خرقة فالتيمم أولى إذا لم تبن منه في حال حياته بالاجماع ولا حدث بعد وفاته ما يوجب البينونة عند علمائنا الثلاثة خلافا لزفر بناء على ما تذكر لأنها تغسله بلا خرقة فالتيمم أولى وأما الزوج فلا ييمم زوجته بلا خرقة عندنا خلافا للشافعي على ما نذكر ومنها أن لا يكون الميت شهيدا لان الغسل ساقط عن الشهيد بالنص على ما نذكر في فصله إن شاء الله تعالى * (فصل) * وأما بيان الكلام فيمن يغسل فنقول الجنس يغسل الجنس فيغسل الذكر الذكر والأنثى الأنثى لان حل المس من غير شهوة ثابت للجنس حالة الحياة فكذا بعد الموت وسواء كان الغاسل جنبا أو حائضا لان المقصود وهو التطهير حاصل فيجوز وروى عن أبي يوسف انه كره للحائض الغسل لأنها لو اغتسلت بنفسها لم تعتد به فكذا إذا غسلت ولا يغسل الجنس خلاف الجنس لان حرمة المس عند اختلاف الجنس ثابتة حالة الحياة فكذا بعد الموت والمحبوب والخصي في ذلك مثل الفحل كما في حالة الحياة لان كل ذلك منهى الا المرأة لزوجها إذا لم تثبت البينونة بينهما في حالة حياته ولا حدث بعد وفاته ما يوجب البينونة أو الصغير والصغيرة فبيان ذلك في الرجل والمرأة اما الرجل فنقول إذا مات رجل في سفر فإن كان معه رجال يغسله الرجل وإن كان معه نساء لا رجل فيهن فإن كان فيهن امرأته غسلته وكفنته وصلين عليه وتدفنه اما المرأة فتغسل زوجها لما روى عن عائشة رضي الله عنها انها قالت لو استقبلنا من الامر ما استد برنا لما غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم الا نساؤه ومعنى ذلك انها لم تكن عالمة وقت وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بإباحة غسل المرأة لزوجها ثم علمت بعد ذلك وروى أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه أوصى إلى امرأته أسماء بنت عميس ان تغسله بعد وفاته وهكذا فعل أبو موسى الأشعري ولان إباحة الغسل مستفادة بالنكاح فتبقى ما بقي النكاح والنكاح بعد الموت باق إلى وقت انقطاع العدة بخلاف ما إذا ماتت المرأة حيث لا يغسلها الزوج لان هناك انتهى ملك النكاح لانعدام المحل فصار الزوج أجنبيا فلا يحل له غسلها واعتبر بملك اليمين حيث لا ينتفى عن المحل بموت المالك ويبطل بموت المحل فكذا هذا وهذا إذا لم تثبت البينونة بينهما في حال حياة الزوج فاما إذا ثبتت بان طلقها ثلاثا أو بائنا ثم مات وهي في العدة لا يباح لها غسله لان ملك النكاح ارتفع بالإبانة وكذا إذا قبلت ابن زوجها ثم مات وهي في العدة لان الحرمة ثبتت بالتقبيل على سبيل التأبيد فبطل ملك النكاح ضرورة وكذا لو ارتدت عن الاسلام والعياذ بالله ثم أسلمت بعد موته لان الردة توجب زوال ملك النكاح ولو طلقها
(٣٠٤)