بالركوع ثم إذا ركع قبل أن يطول القراءة هل تشترط النية لقيام الركوع مقام سجدة التلاوة فقياس ما ذكرنا من النكتة يوجب أن لا يحتاج إلى النية لان الحاجة إلى تحصيل الخضوع والتعظيم في هذه الحالة وقد وجدا نوى أو لم ينو كالمعتكف في رمضان إذا لم ينو بصيامه عن الاعتكاف والذي دخل المسجد إذا اشتغل بالفرض غيرنا وأن يقوم مقام تحية المسجد ومن مشايخنا من قال يحتاج ههنا إلى النية ويدعى أن محمدا أشار إليه فإنه قال إذا تذكر سجدة تلاوة في الركوع يخر ساجدا فيسجد كما نذكر ثم يقوم فيعود إلى الركوع ولم يفصل بين أن يكون الركوع الذي تذكر فيه التلاوة كان عقيب التلاوة بلا فصل أو تخلل بينهما فاصل ولو كان الركوع مما ينوب عن السجدة من غير نية لكان لا يأمره بأن يسجد للتلاوة بل قام نفس الركوع مقام التلاوة ولكنا نقول ليس في هذه المسألة كثير إشارة لان ال مسألة موضوعة فيما إذا تخلل بين التلاوة والركوع ما يوجب صيرورة السجدة دينا لأنه قال تذكر سجدة والتذكر إنما يكون بعد النسيان والنسيان لسجدة التلاوة عند عدم تخلل شئ بين التلاوة والركوع ممتنع أو نادر غاية الندرة بحيث لا ينبنى عليه حكم ثم يحتاج هذا القائل إلى الفرق بين هذا وبين المعتكف في رمضان حيث لا يحتاج إلى أن ينوى كون صومه شرطا للاعتكاف لحصول ما هو المقصود وكذا الذي دخل المسجد وادى الفرض كما دخل فاشتغل بالفرق بينهما فقال الواجب الأصلي ههنا هو السجود الا أن الركوع أقيم مقامه من حيث المعنى وبينهما من حيث الصورة فرق فلموافقة المعنى تتأدى السجدة بالركوع إذا نوى ولمخالفة الصورة لا تتأدى إذا لم ينو بخلاف صوم الشهر فان بينه وبين صوم الاعتكاف موافقة من جميع الوجوه وكذا في الصلاة ولكن هذا غير سديد لان المخالفة من حيث الصورة إن كان لها عبرة فلا يتأدى الواجب به وان نوى فان من نوى إقامة غير ما وجب عليه مقام ما وجب لا يقوم إذا كان بينهما تفاوت وان لم يكن لها عبرة فلا يحتاج إلى النية كما في الصوم والصلاة وعذر الصوم ليس بمستقيم لان بين الصومين مخالفة من حيث سبب الوجوب فكانا جنسين مختلفين ولهذا قال هذا القائل انه لو لم ينو بالركوع أن يكون قائما مقام سجدة التلاوة ولم يقم يحتاج في السجدة الصلبية إلى أن ينوى أيضا لان بينهما مخالفة لاختلاف سبى وجوبهما فدل أنه ليس بمستقيم وذكر القاضي الامام الاسبيجابى في شرحه مختصر الطحاوي أنه إذا أراد أن يركع يحتاج إلى النية ولو لم يوجد منه النية عند الركوع لا يجزئه ولو نوى في الركوع اختلف المشايخ فيه قال بعضهم يجوز وقال بعضهم لا يجوز ولو نوى بعد ما رفع رأسه من الركوع لا يجوز بالاجماع هذا الذي ذكرنا في قيام الركوع مقام السجود فيما إذا لم تطل القراءة بين آية السجدة وبين الركوع فاما إذا طال فقد فاتت السجدة وصارت دينا فلا يقوم الركوع مقامها وأكثر مشايخنا لم يقدروا في ذلك تقديرا فكان الظاهر أنهم فوضوا ذلك إلى رأى المجتهد كما فعلوا في كثير من المواضع وبعض مشايخنا قالوا إن قرأ آية أو آيتين لم تطل القراءة وان قرأ ثلاث آيات طالت وصارت السجدة بمحل القضاء ثم إنه ناقض فإنه قال لو لم ينو بالركوع أن يقوم مقام التلاوة ونوى بالسجدة الصلبية قام ولا شك أن مدة أداء الركوع ورفع الرأس من الركوع والانحطاط إلى السجود يكون مثل مدة قراءة ثلاث آيات وكذا إن كانت تلك قراءة معتبرة فالركوع ركن معتبر والأوجه أن يفوض ذلك إلى رأى المجتهد أو يعتبر ما يعد طويلا على أن جعل ثلاث آيات قاطعة للفور وادخالها في حد الطول خلاف الرواية فان محمدا ذكر في كتاب الصلاة قلت أرأيت الرجل يقرأ السجدة وهو في الصلاة والسجدة في آخر السورة الا آيات بقيت من السورة بعد آية السجدة قال هو بالخيار ان شاء ركع بها وان شاء سجد بها قلت فان أراد أن يركع بها ختم السورة ثم ركع بها قال نعم قلت فان أراد أن يسجد بها عند الفراغ من السجدة ثم يقوم فيتلو ما بعدها من السورة وهو آيتان أو ثلاث ثم يركع قال نعم ان شاء وان شاء وصل إليها سورة أخرى وهذا نص على أن ثلاث آيات ليست بقاطعة للفور ولا بمدخلة للسجدة في حيز القضاء * (فصل) * وأما بيان وقت أدائها فما وجب أداؤها خارج الصلاة فوقتها جميع العمر لان وجوبها على التراخي على ما مر وأما ما وجب أداؤها في الصلاة فوقتها فور الصلاة لما مر أن وجوبها في الصلاة على الفور وهو أن
(١٩١)