قرأ الأولى وسجد ثم شرع في الصلاة في غير ذلك المكان وأعادها يلزمه أخرى في الروايات أجمع لما بينا انه ليس بإعادة ولو كان إعادة لما لزمه أخرى وجه ظاهر الرواية ان الثانية إعادة للأولى من حيث الأصل لأنها عين تلك الآية وليست بإعادة من حيث الوصف لان وصف كونها ركنا من أركان الصلاة لم يكن في الأولى ووجد في الثانية والأولى باقية حكما لبقاء حكمها وهو وجوب السجدة فإذا كانت باقية والثانية من حيث الأصل تكرار للأولى فجعلت من حيث الأصل كأنها عين الأولى فبقيت الصفة الثانية للتلاوة الثانية للأولى لصيرورة الثانية عين الأولى فتصير صفتها صفة تلك فصارت هي أيضا موصوفة بكونها صلاتية فلا تؤدى خارج الصلاة لما مر بخلاف ما إذا كان سجد للأولى لأنها لم تبق حكما بل انقضت بنفسها وحكمها فلم يجعل وصف الثانية وصفا للأولى فبقيت الثانية إعادة من حيث الأصل ابتداء من حيث الوصف فتجب سجدة أخرى من حيث الوصف ولا تجب من حيث الأصل فلم يعتبر جانب الأصل وإن كان هو المتبوع لما ان الاحتياط في باب العبادات اعتبار جانب الوجوب فيرجع جانب الوصف فوجبت سجدة أخرى على أن اعتبار جانب الوصف موجب واعتبار جانب الأصل ليس بمانع لكنه ليس بموجب فلم يقع التعارض والله أعلم ولو قرأ الامام سجدة في ركعة وسجدها ثم أحدث في الركعة الثانية فقدم رجلا جاء ساعتئذ فقرأ تلك السجدة فعليه ان يسجدها لوجود سبب الوجوب في حقه وهو ابتداء التلاوة ولم يوجد منه أداء قبل هذا وعلى القوم أن يسجدوها لأنهم التزموا متابعته * (فصل) * وأما بيان من تجب عليه فكل من كان أهلا لوجوب الصلاة عليه اما أداء أو قضاء فهو من أهل وجوب السجدة عليه ومن لا فلا لان السجدة جزء من أجزاء الصلاة فيشترط لوجوبها أهلية وجوب الصلاة من الاسلام والعقل والبلوغ والطهارة من الحيض والنفاس حتى لا تجب على الكافر والصبي والمجنون والحائض والنفساء قرؤا أو سمعوا لان هؤلاء ليسوا من أهل وجوب الصلاة عليهم وتجب على المحدث والجنب لأنهما من أهل وجوب الصلاة عليهما وكذا تجب على السامع بتلاوة هؤلاء الا المجنون لان التلاوة منهم صحيحة كتلاوة المؤمن والبالغ وغير الحائض والمتطهر لان تعلق السجدة بقليل القراءة وهو ما دون آية فلم يتعلق به النهى فينظر إلى أهلية التالي وأهلية بالتمييز وقد وجد فوجد سماع تلاوة صحيحة فتجب السجدة بخلاف السماع من الببغاء والصدى فان ذلك ليس بتلاوة وكذا إذا سمع من المجنون لان ذلك ليس بتلاوة صحيحة لعدم أهليته لانعدام التمييز * (فصل) * وأما شرائط الجواز فكل ما هو شرط جواز الصلاة من طهارة الحدث وهي الوضوء والغسل وطهارة النجس وهي طهارة البدن والثوب ومكان السجود والقيام والقعود فهو شرط جواز السجدة لأنها جزء من أجزاء الصلاة فكانت معتبرة بسجدات الصلاة ولهذا لا يجوز أداؤها بالتيمم الا أن لا يجد ثمة ماء أو يكون مريضا لان شرط صيرورة التيمم طهارة حال وجود الماء خشية الفوت ولم يوجد لان وجوبها على التراخي على ما بينا فيما تقدم وكذا لا يجوز أداؤها الا إلى القبلة حال الاختيار إذا تلاها على الأرض ولا يجزيه الايماء كما في سجدات الصلاة فان اشتبهت عليه القبلة فتحرى وسجد إلى جهة فأخطأ القبلة أجزأه لان الصلاة بالتحري إلى غير جهة القبلة جائزة فالسجدة أولى ولو تلاها على الراحلة وهو مسافر أو تلاها على الأرض وهو مريض لا يستطيع السجود أجزأه الايماء والقياس أن لا يجزئه الايماء على الراحلة وهو قول بشر لأنها واجبة فلا يجوز أداؤها على الراحلة من غير عذر كالنذر فان الراكب إذا نذر أن يصلى ركعتين لم يجز أن يؤديهما على الدابة من غير عذر كذا هذا (ولنا) ان التلاوة أمر دائم بمنزلة التطوع فكان في اشتراط النزول حرج بخلاف الفرض والنذر وما وجب من السجدة في الأرض لا يجوز على الدابة وما وجب على الدابة يجوز على الأرض لان ما وجب على الأرض وجب تاما فلا يسقط بالايماء الذي هو بعض السجود فاما ما وجب على الدابة وجب بالايماء لما روى عن علي رضي الله عنه انه تلا سجدة وهو راكب فأومأ بهما ايماء وروى عن ابن عمر انه سئل عمن سمع سجدة وهو راكب قال فليوم
(١٨٦)