بأس لغير الامام ان يصلى التراويح في مسجدين لأنه اقتداء المتطوع بمن يصلى السنة وانه جائز كما لو صلى المكتوبة ثم أدرك الجماعة ودخل فيها والله أعلم إذا صلوا التراويح ثم أرادوا أن يصلوها ثانيا يصلون فرادى لا بجماعة لان الثانية تطوع مطلق والتطوع المطلق بجماعة مكروه ويجوز التراويح قاعدا من غير عذر لأنه تطوع الا انه لا يستحب لأنه خلاف السنة المتوارثة وروى الحسن عن أبي حنيفة ان من صلى ركعتين الفجر قاعدا من غير عذر لا يجوز وكذا لو صلاها على الدابة من غير عذر وهو يقدر على النزول لاختصاص هذه السنة بزيادة توكيد وترغيب بتحصيلها وترهيب وتحذير على تركها فالتحقت بالواجبات كالوتر ومنها ان الامام كلما صلى ترويحة قعد بين الترويحتين قدر ترويحة يسبح ويهلل ويكبر ويصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو وينتظر أيضا بعد الخامسة قدر ترويحة لأنه متوارث من السلف واما الاستراحة بعد خمس تسليمات فهل يستحب قال بعضهم نعم وقال بعضهم لا يستحب وهو الصحيح لأنه خلاف عمل السلف والله الموفق * (فصل) * وأما بيان أدائها إذا فاتت عن وقتها هل تقضى أم لا فقد قيل إنها تقضى والصحيح انها لا تقضى لأنها ليست بآكد من سنة المغرب والعشاء وتلك لا تقضى فكذلك هذه * (فصل) * وأما صلاة التطوع فالكلام فيها يقع في مواضع في بيان ان التطوع هل يلزم بالشروع وفي بيان مقدار ما يلزم منه بالشروع وفي بيان أفضل التطوع وفي بيان ما يكره من التطوع وفي بيان ما يفارق التطوع الفرض فيه اما الأول فقد قال أصحابنا إذا شرع في التطوع يلزمه المضي فيه وإذا أفسده يلزمه القضاء وقال الشافعي لا يلزمه المضي في التطوع ولا القضاء بالافساد وجه قوله إن التطوع تبرع وانه ينافي الوجوب وإذا لم يجب المضي فيه لا يجب القضاء بالافساد لان القضاء تسليم مثل الواجب ولنا ان المؤدى عبادة وابطال العبادة حرام لقوله تعالى ولا تبطلوا أعمالكم فيجب صيانتها عن الابطال وذا بلزوم المضي فيها وإذا أفسدها فقد أفسد عبادة واجبة الأداء فيلزمه القضاء جبرا للفائت كما في المنذور والمفروض وقد خرج الجواب كما ذكره انه تبرع لأنا نقول نعم قبل الشروع وأما بعد الشروع فقد صار واجبا لغيره وهو صيانة المؤدى عن البطلان ولو افتتح الصلاة مع الامام وهو ينوى التطوع والامام في الظهر ثم قطعها فعليه قضاؤها لما قلنا فان دخل معه فيها ينوى التطوع فهذا على ثلاثة أوجه اما ان ينوى قضاء الأولى أو لم يكن له نية أصلا أو نوى صلاة أخرى ففي الوجهين الأوليين يسقط عنه وتنوب هذه عن قضاء ما لزمه بالافساد عندنا وعند زفر لا يسقط وجه قوله إن ما لزمه بالافساد صار دينا في ذمته كالصلاة المنذورة فلا يتأدى خلف امام يصلى صلاة أخرى ولنا أنه لو أتمها حين شرع فيها لا يلزمه شئ آخر فكذا إذا أتمها بالشروع الثاني لأنه ما التزم بالشروع الا أداء هذه الصلاة مع الامام وقد أداها وان نوى تطوعا آخر ذكر في الأصل أنه ينوب عما لزمه بالافساد وهو قول أبي حنيفة وأبى يوسف وذكر في زيادات الزيادات أنه لا ينوب وهو قول محمد ووجهه أنه لما نوى صلاة أخرى فقد أعرض عما كان دينا عليه بالافساد فلا ينوب هذا المؤدى عنه بخلاف الأول وجه قولهما انه ما التزم في المرتين الا أداء هذه الصلاة مع الامام وقد أداها والله أعلم ثم الشروع في التطوع في الوقت المكروه وغيره سواء في كونه سببا للزم في قول أصحابنا الثلاثة وقال زفر الشروع في التطوع في الأوقات المكروهة غير ملزم حتى لو قطعها الا شئ عليه عنده وعندنا الأفضل ان يقطع وان أثم فقد أساء ولا قضاء عليه لأنه أداها كما وجبت وان قطعها فعليه القضاء وأما الشروع في الصوم في الوقت المكروه فغير ملزم عند أبي حنيفة وزفر وعندهما ملزم فهما سويا بين الصوم والصلاة وجعلا الشروع فيهما ملزما كالنذر لكون المؤدى عبادة وزفر سوى بينهما بعلة ارتكاب المنهى وجعل الشروع فيهما غير ملزم وأبو حنيفة فرق والفرق له من وجوه أحدها انه لابد له من تقديم مقدمة وهي ان ما تركب من أجزاء متفقة ينطلق اسم الكل فيه على البعض كالماء فان ماء البحر يسمى ماء وقطرة منه تسمى ماء وكذا الخل والزيت وكل مائع وما تركب من أجزاء مختلفة لا يكون للبعض منه اسم الكل كالسنجبين لا يسمى الخل وحده ولا السكر وحده سكنجبينا وكذا الانف وحده لا يسمى وجها ولا الخد
(٢٩٠)