الظهر من آخر أيام التشريق وقال ابن عمر يختم عند الفجر من آخر أيام التشريق وبه أخذ الشافعي (اما) الكلام في البداية فوجه رواية أبى يوسف قول الله تعالى فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله أمر بالذكر عقيب قضاء المناسك وقضاء المناسك إنما يقع في وقت الضحوة من يوم النحر فاقتضى وجوب التكبير في الصلاة التي تليه وهي الظهر وجه ظاهر الرواية قوله تعالى ويذكروا اسم الله في أيام معلومات وهي أيام العشر فكان ينبغي أن يكون التكبير في جميعها واجبا الا ان ما قبل يوم عرفة خص باجماع الصحابة ولا اجماع في يوم عرفة والأضحى فوجب التكبير فيهما عملا بعموم النص ولان التكبير لتعظيم الوقت الذي شرع فيه المناسك وأوله يوم عرفة إذ فيه يقام معظم أركان الحج وهو الوقوف ولهذا قال مكحول يبدأ بالتكبير من صلاة الظهر من يوم عرفة لان وقت الوقوف بعد الزوال ولا حجة له في الآية لأنها ساكنة عن الذكر قبل قضاء المناسك فلا يصح التعلق بها (وأما) الكلام في الختم فالشافعي مر على أصله من الاخذ بقول الاحداث من الصحابة رضي الله عنهم لوقوفهم على ما استقر من الشرائع دون ما نسخ خصوصا في موضع الاحتياط لكون رفع الصوت بالتكبير بدعة الا في موضع ثبت بالشرع وأبو يوسف ومحمد احتجا بقوله تعالى واذكروا الله في أيام معدودات وهي أيام التشريق فكان التكبير فيها واجبا ولان التكبير شرع لتعظيم أمر المناسك وأمر المناسك إنما ينتهى بالرمي فيمتد التكبير إلى آخر وقت الرمي ولان الاخذ بالأكثر من باب الاحتياط لان الصحابة اختلفوا في هذا ولان يأتي بما ليس عليه أولى من أن يترك ما عليه بخلاف تكبيرات العيد حيث لم نأخذ هناك بالأكثر لان الاخذ بالاحتياط عند تعارض الأدلة وهناك ترجح قول ابن مسعود لما نذكر في موضعه والاخذ بالراجح أولى وههنا لا رجحان بل استوت مذاهب الصحابة رضي الله عنهم في الثبوت وفى الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم فيجب الاخذ بالاحتياط ولأبي حنيفة ان رفع الصوت بالتكبير بدعة في الأصل لأنه ذكر والسنة في الأذكار المخافتة لقوله تعالى ادعوا ربكم تضرعا وخفية ولقول النبي صلى الله عليه وسلم خير الدعاء الخفي ولذا هو أقرب إلى التضرع والأدب وأبعد عن الرياء فلا يترك هذا الأصل الا عند قيام الدليل المخصص جاء المخصص للتكبير من يوم عرفة إلى صلاة العصر من يوم النحر وهو قوله تعالى ويذكروا اسم الله في أيام معلومات وهي عشر ذي الحجة والعمل بالكتاب واجب الا فيما خص بالاجماع وانعقد الاجماع فيما قبل يوم عرفة انه ليس بمراد ولا اجماع في يوم عرفة ويوم النحر فوجب العمل بظاهر الكتاب عند وقوع الشك في الخصوص واما فيما وراء العصر من يوم النحر فلا تخصيص لاختلاف الصحابة وتردد التكبير بين السنة والبدعة فوقع الشك في دليل التخصيص فلا يترك العمل بدليل عموم قوله تعالى ادعوا ربكم تضرعا وخفية وبه تبين ان الاحتياط في الترك لا في الاتيان لان ترك السنة أولى من اتيان البدعة وأما قولهم إن أمر المناسك إنما ينتهى بالرمي فنقول ركن الحج الوقوف بعرفة وطواف الزيارة وإنما يحصلان في هذين اليومين فاما الرمي فمن توابع الحج فيعتبر في التكبير وقت الركن لا وقت التوابع واما الآية فقد اختلف أهل التأويل فيها قال بعضهم المراد من الآية الذكر على الأضاحي وقال بعضهم المراد منها الذكر عند رمى الجمار دليله قوله تعالى فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه ومن تأخر فلا اثم عليه والتعجيل والتأخير إنما يقعان في رمى الجمار لا في التكبير * (فصل) * واما محل أدائه فدبر الصلاة واثرها وفورها من غير أن يتخلل ما يقطع حرمة الصلاة حتى لو قهقه أو أحدث متعمدا أو تكلم عامدا أو ساهيا أو خرج من المسجد أو جاوز الصفوف في الصحراء لا يكبر لان التكبير من خصائص الصلاة حيث لا يؤتى به الا عقيب الصلاة فيراعى لاتيانه حرمة الصلاة وهذه العوارض تقطع حرمة الصلاة فيقطع التكبير ولو صرف وجهه عن القبلة ولم يخرج من المسجد ولم يجاوز الصفوف أو سبقه الحدث يكبر لان حرمة الصلاة باقية لبقاء التحريمة الا ترى انه يبنى والأصل ان كل ما يقطع البناء يقطع التكبير وما لا فلا وإذا سبقه الحدث فان شاء ذهب فتوضأ ورجع فكبر وان شاء كبر من غير تطهير لأنه لا يؤدى في تحريمة الصلاة فلا تشترط له الطهارة قال الشيخ الامام السرخسي رحمه الله والأصح عندي انه يكبر ولا يخرج من المسجد
(١٩٦)