روى عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال التيمم ضربتان ضربة للوجه وضربة للذراعين إلى المرافقين والحديث حجة على الكل وأما حديث عمار ففيه تعارض لأنه روى في رواية أخرى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يكفيك ضربتان ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين والمتعارض لا يصلح حجة * (فصل) * وأما كيفية التيمم فذكر أبو يوسف في الأمالي قال سألت أبا حنيفة عن التيمم فقال التيمم ضربتان ضربة للوجه وضرب لليدين إلى المرفقين فقلت له كيف هو فضرب بيديه على الأرض فاقبل بهما وادبر ثم نقضهما ثم مسح بهما وجهه ثم أعاد كفيه على الصعيد ثانيا فاقبل بهما وادبر ثم نفضهما ثم مسح بذلك ظاهر الذراعين وباطنهما إلى المرفقين وقال بعض مشايخنا ينبغي أن يمسح بباطن أربع أصابع يده اليسرى ظاهر يده اليمنى من رؤس الأصابع إلى المرفق ثم يمسح بكفه اليسرى دون الأصابع باطن يده اليمنى من المرفق إلى الرسغ ثم يمر بباطن ابهامه اليسرى على ظاهر ابهامه اليمنى ثم يفعل باليد اليسرى كذلك وقال بعضهم يمسح بالضربة الثانية بباطن كفه اليسرى مع الأصابع ظاهر يده اليمنى إلى المرفق ثم يمسح به أيضا باطن يده اليمنى إلى أصل الابهام ثم يفعل بيده اليسرى كذلك ولا يتكلف والأول أقرب إلى الاحتياط لما فيه من الاحتراز عن استعمال التراب المستعمل بالقدر الممكن لان التراب الذي على اليد يصير مستعملا بالمسح حتى لا يتأدى فرض الوجه واليدين بمسحة واحدة بضربة واحدة ثم ذكر في ظاهر الرواية انه ينفضهما نفضة وروى عن أبي يوسف انه ينفضهما نفضتين وقيل إن هذا لا يوجب اختلافا لان المقصود من النقض تناثر التراب صيانة عن التلوث الذي يشبه المثلة إذا التعبد ورد بمسح كف مسه التراب على العضوين لا تلويثهما به فلذلك ينفضهما وهذا الغرض قد يحصل بالنقض مرة وقد لا يحصل الا بالنفض مرتين على قدر ما يلتصق باليدين من التراب فان حصل المقصود بنفضة واحدة اكتفى ها وان لم يحصل نفض نفضتين (واما) استيعاب العضوين بالتيمم فهل هو من تمام الركن لم يذكره في الأصل نصا لكنه ذكر ما يدل عليه فإنه قال إذا ترك ظاهر كفيه لم يجزه ونص الكرخي انه إذا ترك شيئا من مواضع التيمم قليلا أو كثيرا لا يجوز وذكر الحسن في المجرد عن أبي حنيفة أنه إذا يمم الأكثر جاز وجه رواية الحسن ان هذا مسح فلا يجب فيه الاستيعاب كمسح الرأس وجه ما ذكر في الأصل ان الامر بالمسح في باب التيمم تعلق باسم الوجه واليد وانه يعم الكل ولان التيمم بدل عن الوضوء والاستيعاب في الأصل من تمام الركن فكذا في البدل وعلى ظاهر الرواية يلزم تخليل الأصابع ونزع الخاتم ولو ترك لم يجز وعلى رواية الحسن لا يلزم ويجوز ويمسح المرفقين مع الذراعين عند أصحابنا الثلاثة خلافا لزفر حتى أنه لو كان مقطوع اليدين من المرفق يمسح موضع القطع عندنا خلافا له والكلام فيه كالكلام في الوضوء وقد مر والله أعلم * (فصل) * وأما شرائط الركن فأنواع منها أن لا يكون واجدا للماء قدر ما يكفي الوضوء أو الغسل في الصلاة التي تفوت إلى خلف وما هو من اجزاء الصلاة لقوله تعالى فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا شرط عدم وجدان الماء لجواز التيمم وقول النبي صلى الله عليه وسلم التيمم وضوء المسلم ولو إلى عشر حجج ما لم يجد الماء أو يحدث جعله وضوء المسلم إلى غاية وجود الماء أو الحدث والممدود إلى غاية ينتهى عند وجود الغاية ولا وجود للشئ مع وجود ما ينتهى وجود عند وجوده وقال صلى الله عليه وسلم التراب طهور المسلم ما لم يجد الماء أو يحدث ولأنه بدل ووجود الأصل يمنع المصير إلى البدل ثم عدم الماء نوعان من حيث الصورة والمعنى وعدم من حيث المعنى لا من حيث الصورة (اما) العدم من حيث الصورة والمعنى فهو أن يكون الماء بعيدا عنه ولم يذكر حد البعد في ظاهر الرواية وروى عن محمد انه قدره بالميل وهو أن يكون ميلا فصاعدا فإن كان أقل من ميل لم يجز التيمم والميل ثلث فرسخ وقال الحسن بن زياد من تلقاء نفسه إن كان الماء أمامه يعتبر ميلين وإن كان يمنة أو يسرة يعتبر ميلا واحدا وبعضهم فصل بين المقيم والمسافر فقالوا إن كان مقيما يعتبر قدر ميل كيفما كان وإن كان مسافرا والماء على يمينه أو يساره فكذلك وإن كان أمامه يعتبر ميلين وروى عن
(٤٦)