* (فصل) * وأما بيان قدر صلاة العيدين وكيفية أدائها فنقول يصلى الامام ركعتين فيكبر تكبيرة الافتتاح ثم يستفتح فيقول سبحانك اللهم وبحمدك إلى آخره عند عامة العلماء وعند ابن أبي ليلى يأتي بالثناء بعد التكبيرات وهذا غير سديد لان الاستفتاح كاسمه وضع لافتتاح الصلاة فكان محله ابتداء الصلاة ثم بتعوذ عند أبي يوسف ثم يكبر ثلاثا وعند محمد يؤخر التعوذ عن التكبيرات بناء على أن التعوذ سنة الافتتاح أو سنة لقراءة على ما ذكرنا ثم يقرأ ثم يكبر تكبيرة الركوع فإذا قام إلى الثانية يقرأ أولا ثم يكبر ثلاثا ويركع بالرابعة فحاصل الجواب ان عندنا يكبر في صلاة العيدين تسع تكبيرات ستة من الزوائد وثلاث أصليات تكبيرة الافتتاح وتكبيرتا الركوع ويوالي بين القراءتين فيقرأ في الركعة الأولى بعد التكبيرات وفى الثانية قبل التكبيرات وروى عن أبي يوسف انه يكبر ثنتا عشرة تكبيرة سبعا في الأولى وخمسا في الثانية فتكون الزوائد تسعا خمس في الأولى وأربع في الثانية وثلاث أصليات ويبدأ بالتكبيرات في كل واحدة من الركعتين وقال الشافعي يكبر اثنتي عشرة تكبيرة سبعا في الأولى وخمسا في الثانية سوى الأصليات وهو قول مالك ويبدأ بالتكبيرات قبل القراءة في الركعتين جميعا والمسألة مختلفة بين الصحابة روى عن عمرو عبد الله بن مسعود وأبى مسعود الأنصاري وأبي موسى الأشعري وحذيفة بن اليمان رضي الله عنهم انهم قالوا مثل قول أصحابنا وروى عن علي رضي الله عنه انه فرق بين الفطر والأضحى فقال في الفطر يكبر احدى عشرة تكبيرة ثلاث أصليات وثمان زوائد في كل ركعة أربعة وفى الأضحى يكبر خمس تكبيرات ثلاث أصليات وتكبيرتان زائدتان وعنده يقدم القراءة على التكبيرات في الركعتين جميعا وعن ابن عباس رضي الله عنهم ا ثلاث روايات روى عنه كقول ابن مسعود وانه شاذ والمشهور عنه روايتان إحداهما انه يكبر في العيدين ثلاثة عشرة تكبيرة ثلاث أصليات وعشرة زوائد في كل ركعة خمس تكبيرات والثانية يكبر اثنى عشرة تكبيرة كما قال أبو يوسف ومن مذهبه انه لا يقدم القراءة على التكبيرات في الركعتين جميعا والمختار في المذهب عندنا مذهب ابن مسعود لاجتماع الصحابة عليه فإنه روى أن الوليد بن عقبة أتاهم فقال غدا العيد فكيف تأمروني ان أفعل فقالوا لابن مسعود علمه فعلمه هذه الصفة ووافقوه على ذلك وقيل إنه مختار أبى بكر الصديق ولان رفع الصوت بالتكبيرات بدعة في الأصل فبقدر ما ثبت بالاجماع لم تبق بدعة بيقين وما دخل تحت الاختلاف كان توهم البدعة وإنما الاخذ بالأقل أولى وأحوط الا ان برواية ابن عباس ظهر العمل بأكثر بلادنا لان الخلافة في بنى العباس فيأمرون عمالهم بالعمل بمذهب جدهم وبيان هذه الفصول في الجامع الكبير ولم يبين في الأصل مقدار الفصل بين التكبيرات وقد روى عن أبي حنيفة انه يسكت بين كل تكبيرتين قدر ثلاث تسبيحات ويرفع يديه عند تكبيرات الزوائد وحكى أبو عصمة عن أبي يوسف انه لا يرفع يديه في شئ منها لما روى عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يرفع يديه في الصلاة الا في تكبيرة الافتتاح ولأنها سنة فتلتحق بجنسها وهو تكبيرتا الركوع ولنا ما روينا من الحديث المشهور لا ترفع الأيدي الا في سبع مواطن وذكر من جملتها تكبيرات العيد ولان المقصود وهو اعلام الأصم لا يحصل الا بالرفع فيرفع كتكبيرة الافتتاح وتكبير القنوت بخلاف تكبيرتي الركوع لأنه يؤتى بهما في حال الانتقال فيحصل المقصود بالرؤية فلا حاجة إلى رفع اليد للاعلام وحديث ابن مسعود محمول على الصلاة المعهودة المكتوبة ويقرأ في الركعتين أي سورة شاء وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه كان يقرأ في صلاة العيد سبح اسم ربك الاعلى وهل أتاك حديث الغاشية فان تبرك بالاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في قراءة هاتين السورتين في أغلب الأحوال فحسن لكن يكره ان يتحد بهما حتما لا يقرأ فيها غيرهما لما ذكرنا في الجمعة ويجهر بالقراءة كذا ورد النقل المستفيض عن النبي صلى الله عليه وسلم بالجهر به وبه جرى التوارث من الصدر الأول إلى يومنا هذا ثم المقتدى يتابع الامام في التكبيرات على رأيه وان كبر أكثر من تسع ما لم يكبر تكبيرا لم يقل به أحد من الصحابة رضي الله عنهم لأنه تبع لامامه فيجب عليه متابعته وترك رأيه برأي الامام لقول النبي صلى الله عليه وسلم إنما جعل الامام ليؤتم به
(٢٧٧)