يوجد فلا يحكم بطهارة البئر ولأنه لو جعل منفصلا لا يمكن القول بطهارة البئر لان القطرات تقطر في البئر فإذا كان منفصلا كان له حكم النجاسة فتنجس البئر ثانيا لان ماء البئر قليل والنجاسة وان قلت متى لاقت ماء قليلا تنجسه فكان هذا تطهيرا للبئر أولا ثم تنجيسا له ثانيا وانه اشتغال بما لا يفيد وسقوط اعتبار نجاسة القطرات لا يجوز الا لضرورة والضرورة تندفع بان يعطى لهذا الدلو حكم الانفصال بعد انعدام التقاطر بالتنحية عن رأس البئر فلا ضرورة إلى تنجيس البئر بعد الحكم بطهارتها ولو توضأ من بئر وصلى أياما ثم وجد فيها فأرة فان علم وقت وقوعها أعاد الصلاة من ذلك الوقت لأنه تبين أنه توضأ بماء نجس وان لم يعلم فالقياس أن لا يعيد شيئا من الصلوات ما لم يستيقن بوقت وقوعها وهو قول أبى يوسف ومحمد وفى الاستحسان إن كانت منتفخة أو متفسخة أعاد صلاة ثلاثة أيام ولياليها وإن كانت غير منتفخة ولا متفسخة لم يذكر في ظاهر الرواية وروى الحسن عن أبي حنيفة أنه يعيد صلاة يوم وليلة ولو اطلع على نجاسة في ثوبه أكثر من قدر الدرهم ولم يتيقن وقت اصابتها لا يعيد شيئا من الصلاة كذا ذكر الحاكم الشهيد وهو رواية بشر المريسي عن أبي حنيفة وروى عن أبي حنيفة انها إن كانت طرية يعيد صلاة يوم وليلة وإن كانت يابسة يعيد صلاة ثلاثة أيام بلياليها وروى ابن رستم في نوادره عن أبي حنيفة انه إن كان دما لا يعيد وإن كان منيا يعيد من آخر ما احتلم لان دم غيره قد يصيبه والظاهر أن الإصابة لم تتقدم زمان وجوده فاما منى غيره فلا يصيب ثوبه فالظاهر أنه منيه فيعتبر وجوده من وقت وجود سبب خروجه حتى أن الثوب لو كان مما يلبسه هو وغيره يستوى فيه حكم الدم والمني ومشايخنا قالوا في البول يعتبر من آخر ما بال وفى الدم من آخر ما رعف وفى المنى من آخر ما احتلم أو جامع وجه القياس في المسألة أنه تيقن طهارة الماء فيما مضى وشك في نجاسته لأنه يحتمل أنها وقعت في الماء وهي حية فماتت فيه ويحتمل انها وقعت ميتة بان ماتت في مكان آخر ثم ألقاها بعض الطيور في البئر على ما حكى عن أبي يوسف أنه قال كان قولي مثل قول أبي حنيفة إلى أن كنت يوما جالسا في بستاني فرأيت حدأة في منقارها جيفة فطرحتها في بئر فرجعت عن قول أبي حنيفة فوقع الشك في نجاسة الماء فيما مضى فلا يحكم بنجاسته بالشك وصار كما إذا رأى في ثوبه نجاسة ولا يعلم وقت اصابتها أنه لا يعيد شيئا من الصلوات كذا هذا وجه الاستحسان أن وقوع الفأرة في البئر سبب لموتها والموت متى ظهر عقيب سبب صالح يحال به عليه كموت المجروح فإنه يحال به إلى الجرح وإن كان يتوهم موته بسبب آخر وإذا حيل بالموت إلى الوقوع في الماء فأدنى ما يتفسخ فيه الميت ثلاثة أيام ولهذا يصلى على قبر ميت لم يصل عليه إلى ثلاثة أيام وتوهم الوقوع بعد الموت إحالة بالموت إلى سبب لم يظهر وتعطيل للسبب الظاهر وهذا لا يجوز فبطل اعتبار الوهم والتحق الموت في الماء بالمتحقق الا إذا قام دليل المعاينة بالوقوع في الماء ميتا فحينئذ يعرف بالمشاهدة أن الموت غير حاصل بهذا السبب ولا كلام فيه وأما إذا لم تكن منتفخة فلانا إذا أحلنا بالموت إلى الوقوع في الماء ولا شك أن زمان الموت سابق على زمان الوجود خصوصا في الابار المظلمة العميقة التي لا يعاين ما فيها ولذا يعلم يقينا أن الواقع لا يخرج بأول دلو فقدر ذلك بيوم وليلة احتياطا لأنه أدنى المقادير المعتبرة (والفرق) بين البئر والثوب على رواية الحاكم أن الثوب شئ ظاهر فلو كان ما أصابه سابقا على زمان الوجود لعلم به في ذلك الزمان فكان عدم العلم قبل ذلك دليل عدم الإصابة بخلاف البئر على ما مر وعلى هذا الخلاف إذا عجن بذلك الماء انه يؤكل خبزه عندهما وعند أبي حنيفة لا يؤكل وإذا لم يؤكل ماذا يصنع به قال مشايخنا يطعم للكلاب لان ما تنجس باختلاط النجاسة به والنجاسة معلومة لا يباح أكله ويباح الانتفاع به فيما وراء الاكل كالدهن النجس أنه ينتفع به استصباحا إذا كان الطاهر غالبا فكذا هذا وبئر الماء إذا كانت بقرب من البالوعة لا يفسد الماء ما لم يتغير لونه أو طعمه أو ريحه وقدر أبو حفص المسافة بينهما بسبعة أذرع وأبو سليمان بخمسة وذا ليس بتقدير لازم لتفاوت الأراضي في الصلابة والرخاوة ولكنه خرج على الأغلب ولهذا قال محمد بعد هذا التقدير لو كان بينهما سبعة أذرع ولكن يوجد طعمه أو ريحه لا يجوز التوضؤ به فدل على أن العبرة بالخلوص وعدم الخلوص وذلك يعرف بظهور ما ذكر من الآثار وعدمه ثم الحيوان إذا مات في المائع القليل فلا يخلوا ما إن كان له
(٧٨)