فلذلك كان التأخير إلى التشهد الثاني أحق ولكن ينبغي أن لا يأتي بدعوات تشبه كلام الناس لئلا تفسد صلاته هذا الذي ذكرنا بيان محله المسنون وأما محل جوازه فنقول جواز السجود لا يختص بما بعد السلام حتى لو سجد قبل السلام يجوز ولا يعيد لأنه أداء بعد الفراغ من أركان الصلاة الا انه ترك سنته وهو الأداء بعد السلام وترك السنة لا يوجب سجود السهو ولان الأداء بعد السلام سنة ولو أمرناه بالإعادة كان تكرارا وانه بدعة وترك السنة أولى من فعل البدعة والله تعالى أعلم * (فصل) * وأما قدر سلام السهو وصفته فقد اختلف المشايخ فيه قال بعضهم تسليمة واحدة تلقاء وجهه وهو اختيار الشيخ الزاهد فخر الاسلام علي بن محمد البزدوي وقال لو سلم تسليمتين تبطل التحريمة لان التسليمة الثانية لمعنى التحية ومعنى التحية ساقط عن سلام السهو فكان الاشتغال بالتسليمة الثانية عبثا لخلوه عن الفائدة المطلوبة منه فكان قاطعا للتحريمة وعامتهم على أنه يسلم تسليمتين عن يمينه وعن يساره لقول النبي صلى الله عليه وسلم لكل سهو سجدتان بعد السلام ذكر السلام بالألف واللام فينصرف إلى الجنس أو إلى المعهود وهما التسليمتان * (فصل) * وأما عمل سلام السهو انه هل يبطل التحريمة أم لا فقد اختلف فيه قال محمد وزفر لا يقطع التحريمة أصلا وعند أبي حنيفة وأبى يوسف الامر موقوف ان عاد إلى سجدتي السهو وصح عوده إليهما تبين انه لم يقطع وان لم يعد تبين انه قطع حتى لو ضحك بعد ما سلم قبل أن يعود إلى سجدتي السهو لا تنتقض طهارته عندهما وعند محمد وزفر تنتقض ومن مشايخنا من قال لا توقف في انقطاع التحريمة بسلام السهو عند أبي حنيفة وأبى يوسف بل تنقطع من غير توقف وإنما التوقف عندهما في عود التحريمة ثانيا ان عاد إلى سجدتي تعود والا فلا وهذا أسهل لتخريج المسائل والأول وهو التوقف في بقاء التحريمة وبطلانها أصح لان التحريمة تحريمة واحدة فإذا بطلت لا تعود الا بإعادة ولم توجد وجه قول محمد وزفر ان الشرع أبطل عمل سلام من عليه سجدتا السهو لان سجدتي السهو يؤتى بهما في تحريمة الصلاة لأنهما شرعتا لجبر النقصان وإنما ينجبر ان حصلتا في تحريمة الصلاة ولهذا يسقطان إذا وجد بعد القعود قدر التشهد ما ينافي التحريمة ولا يمكن تحصيلهما في تحريمة الصلاة الا بعد بطلان عمل هذا السلام فصار وجوده وعدمه في هذه الحالة بمنزلة ولو انعدم حقيقة كانت التحريمة باقية فكذا إذا التحق بالعدم (ولأبي) حنيفة وأبى يوسف ان السلام جعل محللا في الشرع قال النبي صلى الله عليه وسلم وتحليلها التسليم والتحليل ما يحصل به التحلل ولأنه خطاب للقوم فكان من كلام الناس وانه مناف للصلاة غير أن الشرع أبطل عمله في هذه الحالة لحاجة المصلى إلى جبر النقصان ولا ينجبر الا عند وجود الجابر في التحريمة ليلتحق الجابر بسبب بقاء التحريمة لمحل النقصان فينجبر النقصان فنفينا التحريمة مع وجود المنافى لها لهذه الضرورة فان اشتغل بسجدتي السهو وصح اشتغاله بهما تحققت الضرورة إلى بقاء التحريمة فبقيت وان لم يشتغل لم تتحقق الضرورة فيعمل السلام في الاخراج عن الصلاة وابطال التحريمة عمله ويبنى على هذا الأصل ثلاث مسائل إحداها إذا قهقه قبل العود إلى السجود بعد السلام تمت صلاته وسقط عنه السهو بالاجماع ولا تنتقض طهارته عند أبي حنيفة وأبى يوسف وهو قول زفر بناء على أصله في القهقهة انها في كل موضع لا توجب فساد الصلاة لا توجب انتقاض الطهارة كما إذا قعد قدر التشهد الأخير قبل السلام وعند محمد تنتقض طهارته والثانية إذا سلم وعليه سجدتا السهو فجاء رجل فاقتدى به قبل أن يعود إلى السجود فاقتداؤه موقوف عند أبي حنيفة وأبى يوسف فان عاد إلى السجود صح والا فلا وعند محمد وزفر صح اقتداؤه به عاد أو لم يعد وقال بشر لا يصح اقتداؤه به عاد أو لم يعد فكأنه جعل السلام قاطعا للتحريمة جزما والثالثة المسافر إذا سلم على رأس الركعتين في ذوات الأربع وعليه سهو فنوى الإقامة قبل أن يعود إليه لا ينقلب فرضه أربعا ويسقط عنه السهو عند أبي حنيفة وأبى يوسف وعند محمد وزفر ينقلب فرضه أربعا وعليه سجدتا السهو لكنه يؤخرهما إلى آخر الصلاة وأجمعوا على أنه لو عاد إلى سجود السهو ثم اقتدى به رجل يصح اقتداؤه به الا عند بشر وكذلك لو قهقهة في هذه الحالة تنتقض طهارته الا عند زفر وكذلك لو نوى الإقامة في هذه
(١٧٤)