فقال لأوليائها كنا أحق بها حين كانت حية فأما إذا ماتت فأنتم أحق بها ولان الزوجية تنقطع بالموت والقرابة لا تنقطع لكن يكره للابن أن يتقدم أباه وينبغي أن يقدمه مراعاة لحرمة الأبوة قال أبو يوسف وله في حكم الولاية أن يقدم غيره لان الولاية له وإنما منع من التقدم حتى لا يستخف بأبيه فلم تسقط ولايته في التقديم وإن كان لها ابن من زوج آخر فلا بأس بأن يتقدم على هذا الزوج لأنه هو الولي وتعظيم زوج أمه غير واجب عليه وسائر القرابات أولى من الزوج وكذا مولى العتاقة وابن المولى ومولى الموالاة لما ذكرنا ان السبب قد انقطع فيما بينهما فان تركت أبا وزوجا وابنا من هذا الزوج فلا ولاية للزوج لما بينا وأما الأب والابن فقد ذكر في كتاب الصلاة ان الأب أحق من غيره وقيل هو قول محمد وأما عند أبي يوسف فالابن أحق الا انه يقدم الأب تعظيما له وعند محمد الولاية للأب وقيل هو قولهم جميعا في صلاة الجنازة لان للأب فضيلة على الابن وزيادة سن والفضيلة تعتبر ترجيحا في استحقاق الإمامة كما في سائر الصلوات بخلاف سائر الولايات ومولى الموالاة أحق من الأجنبي لأنه التحق بالقريب بعقد الموالاة ولو مات الابن وله أب وأب الأب فالولاية لأبيه ولكنه يقدم أباه الذي هو جد الميت تعظيما له وكذلك المكاتب إذا مات ابنه أو عبده ومولاه حاضر فالولاية للمكاتب لكنه يقدم مولاه احتراما له ثم إذا صلى على الميت يدفن * (فصل) * والكلام في الدفن في مواضع في بيان وجوبه وكيفية وجوبه وفي بيان سنة الحفر والدفن وما يتصل بهما أما الأول فالدليل على وجوبه توارث الناس من لدن آدم صلوات الله عليه إلى يومنا هذا مع التكبير على تاركه وذا دليل الوجوب الا ان وجوبه على سبيل الكفاية حتى إذا قام به البعض سقط عن الباقين لحصول المقصود * (فصل) * وأما سنة الحفر فالسنة فيه اللحد عندنا وعند الشافعي الشق واحتج أن توارث أهل المدينة الشق دون اللحد وتوارثهم حجة ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم اللحد لنا والشق لغيرنا وفى رواية اللحد لنا والشق لأهل الكتاب وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم لما توفى اختلف الناس أن يشق له أو يلحد وكان أبو طلحة الأنصاري لحادا وأبو عبيدة بن الجراح شاقا فبعثوا رجلا إلى أبى عبيدة ورجلا إلى أبى طلحة فقال العباس بن عبد المطلب اللهم خر لنبيك أحب الامرين إليك فوجد أبا طلحة من كان بعث إليه ولم يجد أبا عبيدة من بعث إليه والعباس رضي الله عنه كان مستجاب الدعوة وأهل المدينة إنما توارثوا الشق لضعف أراضيهم بالبقيع ولهذا اختار أهل بخارى الشق دون اللحد لتعذر اللحد لرخاوة أراضيهم وصفة اللحد ان يحفر القبر ثم يحفر في جانب القبلة منه حفيرة فيوضع فيه الميت وصفة الشق أن يحفر حفيرة في وسط القبر فيوضع فيه الميت ويجعل على اللحد اللبن والقصب لما روى أنه وضع على قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم طن من قصب وروى أنه صلى الله عليه وسلم رأى فرجة في قبر فأخذ مدرة وناولها الحفار وقال سد بها تلك الفرجة فان الله تعالى يحب من كل صانع أن يحكم صنعته والمدرة قطعة من اللبن وروى عن سعيد بن العاص أنه قال اجعلوا على قبري اللبن والقصب كما جعل على قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبر أبى بكر وقبر عمر ولان اللبن والقصب لابد منهما ليمنعا ما يهال من التراب على القبر من الوصول إلى الميت ويكره الآجر ودفوف الخشب لما روى عن إبراهيم النخعي أنه قال كانوا يستحبون اللبن والقصب على القبور وكانوا يكرهون الآخر وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تشبه القبور بالعمران والآجر والخشب للعمران ولان الآجر مما يستعمل للزينة ولا حاجة إليها للميت ولأنه مما مسته النار فيكره أن يجعل على الميت تفاؤلا كما يكره أن يتبع قبره بنار تفاؤلا وكان الشيخ أبو بكر محمد بن الفضل البخاري يقول لا بأس بالآجر في ديارنا لرخاوة الأراضي وكان أيضا يجوز دفوف الخشب واتخاذ التابوت للميت حتى قال لو اتخذوا تابوتا من حديد لم أر به بأسا في هذه الديار * (فصل) * وأما سنة الدفن فالسنة عندنا أن يدخل الميت من قبل القبلة وهو أن توضع الجنازة في جانب القبلة من القبر ويحمل منه الميت فيوضع في اللحد وقال الشافعي السنة أن يسل إلى قبره وصورة السل أن توضع الجنازة على يمين القبلة وتجعل رجلا الميت إلى القبر طولا ثم تؤخذ رجله وتدخل رجلاه في القبر ويذهب
(٣١٨)