الولاية كانت لأبي بكر لأنه هو الخليفة الا أنه كان مشغولا بتسوية الأمور وتسكين الفتنة فكانوا يصلون عليه قبل حضوره فلما فرغ صلى عليه ثم لم يصل بعده عليه والله أعلم وأما حديث النجاشي فيحتمل انه دعاء لان الصلاة تذكر ويراد بها الدعاء ويحتمل انه خصه بذلك وأما قوله إن لكل واحد من الناس حقا في الصلاة عليه قلنا نعم لكن لا وجه لاستدراك ذلك لسقوط الفرض وعدم جواز التنفل بها وهو الجواب عن قوله إنها دعاء واستغفار لان التنفل بالدعاء والاستغفار مشروع وبالصلاة على الجنازة غير مشروع وعلى هذا قال أصحابنا لا يصلى على ميت غائب وقال الشافعي يصلى عليه استدلالا بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي وهو غائب ولا حجة له فيه لما بينا على أنه روى أن الأرض طويت له ولا يوجد مثل ذلك في حق غيره ثم ما ذكره غير سديد لان الميت إن كان في جانب المشرق فان استقبل القبلة في الصلاة عليه كان الميت خلفه وان استقبل الميت كان مصليا لغير القبلة وكل ذلك لا يجوز ولا يصلى على صبي وهو على الدابة وعلى أيدي الرجال حتى يوضع لان الميت بمنزلة الامام لهم فلا يجوز أن يكون محمولا وهم على الأرض ولا يصلى على البغاة وقطاع الطريق عندنا وقال الشافعي يصلى عليهم لأنهم مسلمون قال الله تعالى وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا الآية فدخلوا تحت قول النبي صلى الله عليه وسلم صلوا على كل بر وفاجر (ولنا) ما روى عن علي أنه لم يغسل أهل نهروان ولم يصل عليهم فقيل له أكفار هم فقال لا ولكن هم إخواننا بغوا علينا أشار إلى ترك الغسل والصلاة عليهم إهانة لهم ليكون زجرا لغيرهم وكان ذلك بمحضر من الصحابة رضي الله عنهم ولم ينكر عليه أحد فيكون اجماعا وهو نظير المصلوب ترك على خشبته إهانة له وزجرا لغيره كذا هذا وإذا ثبت الحكم في البغاة ثبت في قطاع الطريق لأنهم في معناهم إذ هم يسعون في الأرض بالفساد كالبغاة فكانوا في استحقاق الإهانة مثلهم وبه تبين ان البغاة ومن بمثلهم مخصوصون عن الحديث باجماع الصحابة رضي الله عنهم وكذلك الذي يقتل بالخنق كذا روى عن أبي حنيفة وقال أبو يوسف وكذلك من يقتل على متاع يأخذه والمكاثرون في المصر بالسلاح لأنهم يسعون في الأرض بالفساد فيلحقون بالبغاة والله أعلم * (فصل) * وأما بيان كيفية الصلاة على الجنازة فينبغي أن يقوم الامام عند الصلاة بحذاء الصدر من الرجل والمرأة وروى الحسن في كتاب صلاته عن أبي حنيفة أنه قال في الرجل يقوم بحذاء وسطه ومن المرأة بحذاء صدرها وهو قول ابن أبي ليلى وجه رواية الحسن ان في القيام بحذاء الوسط تسوية بين الجانبين في الحظ من الصلاة الا ان في المرأة يقوم بحذاء صدرها ليكون أبعد عن عورتها الغليظة وجه ظاهر الرواية ان الصدر هو وسط البدن لان الرجلين والرأس من جملة الأطراف فيبقى البدن من العجيزة إلى الرقبة فكان وسط البدن هو الصدر والقيام بحذاء الوسط أولى ليستوي الجانبان في الحظ من الصلاة ولان القلب معدن العلم والحكمة فالوقوف بحياله أولى ولا نص عن الشافعي في كيفية القيام وأصحابه يقولون يقوم بحذاء رأس الرجل وبحذاء عجز المرأة ويكون هذا مذهب الشافعي لما روى عن أنس أنه صلى على امرأة فوقف عند عجيزتها وصلى على رجل فقام عند رأسه فقيل له أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى كذلك قال نعم قالوا ومذهب الشافعي لا يخالف السنة فيكون هذا مذهبه وان لم يرو عنه ولكنا نقول هذا معارض بما روى سمرة بن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على أم قلابة ماتت في نفاسها فقام وسطها وهذا موافق لمذهبنا لما ذكرنا أنه يقوم بحذاء صدر كل واحد منهما لان الصدر وسط البدن أو نؤول فنقول يحتمل أنه وقف بحذاء الوسط الا أنه مال في أحد الموضعين إلى الرأس وفى الآخر إلى العجز فظن الراوي أنه فرق بين الامرين ثم يكبر أربع تكبيرات وكان ابن أبي ليلى يقول خمس تكبيرات وهو رواية عن أبي يوسف وقد اختلفت الروايات في فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فروى عنه الخمس والسبع والتسع وأكثر من ذلك الا أن آخر فعله كان أربع تكبيرات لما روى عن عمر أنه جمع الصحابة رضي الله عنهم حين اختلفوا في عدد التكبيرات وقال لهم انكم اختلفتم فمن يأتي بعدكم يكون أشد اختلافا فانظروا آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة فحذوا بذلك فوجده صلى على امرأة كبر عليها أربعا فاتفقوا على ذلك فكان هذا دليلا على كون التكبيرات
(٣١٢)