الإسكاف لا خير فيه وسئل ابن المبارك فقال لا باس به وقال أليس الماء يضطرب تحته وهو قول الشيخ أبى حفص الكبير وهذا أوسع والأول أحوط وقالوا إذا حرك موضع الثقب تحريكا بليغا يعلم عنده ان ما كان راكدا ذهب عن هذا المكان وهذا ماء جديد يجوز بلا خلاف ولو وقعت نجاسة في الماء القليل فالماء القليل لا يخلو من أن يكون في الأواني أو في البئر أو في الحوض الصغير فإن كان في الأواني فهو نجس كيفما كانت النجاسة متجسدة أو مانعة لأنه لا ضرورة في الأواني لامكان صونها عن النجاسات حتى لو وقعت بعرة أو بعرتان في المحلب عند الحلب ثم رميت من ساعتها لم ينجس اللبن كذا روى عنه خلف بن أيوب ونصير بن يحيى ومحمد بن مقاتل الرازي لمكان الضرورة وإن كان في البئر فالواقع فيه لا يخلو من أن يكون حيوانا أو غيره من النجاسات فإن كان حيوانا فاما ان أخرج حيا واما ان أخرج ميتا فان أخرج حيا فإن كان نجس العين كالخنزير ينجس جميع الماء وفى الكلب اختلاف المشايخ في كونه نجس العين فمن جعله نجس العين استدل بما ذكر في العيون عن أبي يوسف ان الكلب إذا وقع في الماء ثم خرج منه فانتفض فأصاب انسانا منه أكثر من قدر الدرهم لا تجوز صلاته وذكر في العيون أيضا ان كلبا لو أصابه المطر فانتفض فأصاب انسانا منه أكثر من قدر الدرهم إن كان المطر الذي أصابه وصل إلى جلده فعليه أن يغسل الموضع الذي أصابه والا فلا ونص محمد في الكتاب قال وليس الميت بأنجس من الكلب والخنزير فدل انه نجس العين وجه قول من قال إنه ليس نجس العين انه يجوز بيعه ويضمن متلفه ونجس العين ليس محلا للبيع ولا مضمونا بالاتلاف كالخنزير دل عليه انه يطهر جلده بالدباغ ونجس العين لا يطهر جلده بالدباغ كالخنزير وكذا روى ابن المبارك عن أبي حنيفة في الكلب والسنور وقعا في الماء القليل ثم خرجا انه يعجن بذلك ولذلك قال مشايخنا فيمن صلى وفى كمه جرو كلب انه تجوز صلاته وقيد الفقيه أبو جعفر الهندواني الجواز بكونه مسدود الفم فدل انه ليس بنجس العين وهذا أقرب القولين إلى الصواب وان لم يكن نجس العين فإن كان آدميا ليس على بدنه نجاسة حقيقية ولا حكمية وقد استنجى لا ينزح شئ في ظاهر الرواية وروى الحسن عن أبي حنيفة انه ينزح عشرون دلوا وهذه الرواية لا تصح لأن الماء إنما يصير مستعملا بزوال الحدث أو بقصد القربة ولم يوجد شئ من ذلك وإن كان على بدنه نجاسة حقيقية أو لم يكن مستنجيا ينزح جميع الماء لاختلاط النجس بالماء وإن كان على بدنه نجاسة حكمية بأن كان محدثا أو جنبا أو حائضا أو نفساء فعلى قول من لا يجعل هذا الماء مستعملا لا ينزح شئ لأنه طهور وكذا على قول من جعله مستعملا وجعل الماء المستعمل طاهرا لان غير المستعمل أكثر فلا يخرج عن كونه طهورا ما لم يكن المستعمل غالبا عليه كما لو صب اللبن في البئر بالاجماع أو بالت شاة فيها عند محمد واما على قول من جعل هذا الماء مستعملا وجعل الماء المستعمل نجسا ينزح ماء البئر كله كما لو وقعت فيها قطرة من دم أو خمر وروى الحسن عن أبي حنيفة انه إن كان محدثا ينزح أربعون وإن كان جنبا ينزح كله وهذه الرواية مشكلة لأنه لا يخلو اما ان صار هذا الماء مستعملا أولا فإن لم يصر مستعملا لا يجب نزح شئ لأنه بقي طهورا كما كان وان صار مستعملا فالماء المستعمل عند الحسن نجس نجاسة غليظة فينبغي أن يجب نزح جميع الماء وروى عن أبي حنيفة أنه قال في الكافر إذا وقع في البئر ينزح ماء البئر كله لان بدنه لا يخلو عن نجاسة حقيقية أو حكمية حتى لو تيقنا بطهارته بأن اغتسل ثم وقع في البئر من ساعته لا ينزح منها شئ وأما سائر الحيوانات فان علم بيقين ان على بدنها نجاسة أو على مخرجها نجاسة تنجس الماء لاختلاط النجس به سواء وصل فمه إلى الماء أولا وان لم يعلم ذلك اختلف المشايخ فيه قال بعضهم العبرة لإباحة الاكل وحرمته إن كان مأكول اللحم لا ينجس ولا ينزح شئ سواء وصل لعابه إلى الماء أولا وان لم يكن مأكول اللحم ينجس سواء كان على بدنه أو مخرجه نجاسة أولا وقال بعضهم المعتبر هو السؤر فإن كان لم يصل فمه إلى الماء لا ينزح شئ وان وصل فإن كان سؤره طاهرا فالماء طاهر ولا ينزح منه شئ وإن كان نجسا فالماء نجس وينزح كله وإن كان مكروها يستحب أن ينزح عشر دلاء وإن كان مشكوكا فيه فالماء
(٧٤)