أيها الأمير ورحمة الله وبركاته حي على الصلاة حي على الفلاح الصلاة يرحمك الله لاختصاصهم بزيادة شغل بسبب النظر في أمور الرعية فاحتاجوا إلى زيادة اعلام نظرا لهم ثم التثويب في كل بلدة على ما يتعارفونه اما بالتنحنح أو بقوله الصلاة الصلاة أو قامت قامت أو بايك نماز بايك كما يفعل أهل بخارى لأنه الاعلام والاعلام إنما يحصل بما يتعارفونه (وأما) وقته فقد بينا وقت التثويب القديم والمحدث جميعا والله الموفق * (فصل) * وأما بيان سنن الاذان فسنن الاذان في الأصل نوعان نوع يرجع إلى نفس الاذان ونوع يرجع إلى صفات المؤذن (أما) الذي يرجع إلى نفس الاذان فأنواع منهما أن يجهر بالاذان فيرفع به صوته لان المقصود وهو الاعلام يحصل به ألا ترى ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن زيد علمه بلالا فإنه أندى وأمد صوتا منك ولهذا كان الأفضل أن يؤذن في موضع يكون أسمع للجيران كالمئذنة ونحوها ولا ينبغي أن يجهد نفسه لأنه يخاف حدوث بعض العلل كالفتق وأشباه ذلك دل عليه ما روى أن عمر رضي الله عنه قال لأبي محذورة أو لمؤذن بيت المقدس حين رآه يجهد نفسه في الاذان اما تخشى أن ينقطع مر يطاؤك وهو ما بين السرة إلى العانة وكذا يجهر بالإقامة لكن دون الجهر بالاذان لان المطلوب من الاعلام بها دون المقصود من الاذان (ومنها) أن يفصل بين كلمني الاذان بسكتة ولا يفصل بين كلمتي الإقامة بل يجعلها كلاما واحدا لان الاعلام المطلوب من الأول لا يحصل الا بالفصل والمطلوب من الإقامة يحصل بدونه (ومنها) أن يترسل في الاذان ويحدر في الإقامة لقول النبي صلى الله عليه وسلم لبلال رضي الله عنه إذا أذنت فترسل وإذا أقمت فاحدر وفي رواية فاحذم وفى رواية فاحذف ولان الاذان لاعلام الغائبين بهجوم الوقت وذا في الترسل أبلغ والإقامة أبلغ والإقامة لاعلام الحاضرين بالشروع في الصلاة وانه يحصل بالحدر ولو ترسل فيهما أو حدر أجزأه لحصول أصل المقصود وهو الاعلام (ومنها) أن يرتب بين كلمات الأذان والإقامة حتى لو قدم البعض على البعض ترك المقدم ثم يرتب ويؤلف ويعيد المقدم لأنه لم يصادف محله فلغا وكذلك إذا ثوب بين الأذان والإقامة في الفجر فظن أنه في الإقامة فأتمها ثم تذكر قبل الشروع في الصلاة فالأفضل أن يأتي بالإقامة من أولها إلى آخرها مراعاة للترتيب ودليل كون الترتيب سنة أن النازل من السماء رتب وكذا المروى عن مؤذني رسول الله صلى الله عليه وسلم انهما رتبا ولان الترتيب في الصلاة فرض والاذان شبيه بها فكان الترتيب فيه سنة (ومنها) أن يوالي بين كلمات الأذان والإقامة لان النازل من السماء والى وعليه عمل مؤذني رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أنه لو أذن فظن أنه الإقامة ثم علم بعد ما فرغ فالأفضل أن يعيد الاذان ويستقبل الإقامة مراعاة للموالاة وكذا إذا أخذ في الإقامة وظن أنه في الاذان ثم علم فالأفضل أن يبتدئ الإقامة لما قلنا وعلى هذا إذا غشى عليه في الأذان والإقامة ساعة أو مات أو ارتد عن الاسلام ثم أسلم أو أحدث فذهب وتوضأ ثم جاء فالأفضل هو الاستقبال لما قلنا والأولى له إذا أحدث في أذانه أو اقامته ان يتمها ثم يذهب ويتوضأ ويصلى لان ابتداء الأذان والإقامة مع الحدث جائز فالبناء أولى ولو أذن ثم ارتد عن الاسلام فان شاؤوا أعادوا لأنه عبادته محضة والردة محبطة للعبادات فيصير ملحقا بالعدم وان شاؤوا اعتدوا به لحصول المقصود وهو الاعلام وكذا يكره للمؤذن أن يتكلم في أذانه أو اقامته لما فيه من ترك سنة الموالاة ولأنه ذكر معظم كالخطبة فلا يسع ترك حرمته ويكره له رد السلام في الاذان لما قلنا وعن سفيان الثوري أنه لا بأس بذلك لأنه فرض ولكننا نقول إنه يحتمل التأخير إلى الفراغ من الاذان (ومنها) أن يأتي بالأذان والإقامة مستقبل القبلة لان النازل من السماء هكذا فعل وعليه اجماع الأمة ولو ترك الاستقبال يجزيه لحصول المقصود وهو الاعلام لكنه يكره لتركه السنة المتواترة الا أنه إذا انتهى إلى الصلاة والفلاح حول وجهه يمينا وشمالا كذا فعل النازل من السماء ولان هذا خطاب للقوم فيقبل بوجهه إليهم اعلاما لهم كالسلام في الصلاة وقد ماه مكانهما ليبقى مستقبل القبلة بالقدر الممكن كما في السلام والصلاة ويحول وجهه مع مع بقاء البدن مستقبل القبلة كذا ههنا وإن كان في الصومعة فإن كانت ضيقة لزم مكانه لانعدام الحاجة إلى الاستدارة وإن كانت واسعة فاستدار فيها ليخرج رأسه من نواحيها فحسن لأن الصومعة إذا كانت متسعة فالاعلام لا يحصل
(١٤٩)