دفعا للحرج وما قاله محمدا قيس وما قاله أبو يوسف أوسع ولو أن الأرض أصابتها نجاسة رطبة فإن كانت الأرض رخوة يصب عليها الماء حتى يتسفل فيها فإذا لم يبق على وجهها شئ من النجاسة وتسفلت المياه يحكم بطهارتها ولا يعتبر فيها العدد وإنما هو على اجتهاده وما في غالب ظنه انها طهرت ويقوم التسفل في الأرض مقام العصر فيما يحتمل العصر وعلى قياس ظاهر الرواية يصب الماء عليها ثلاث مرات ويتسفل في كل مرة وإن كانت الأرض صلبة فإن كانت صعودا يحفر في أسفلها حفيرة ويصب الماء عليها ثلاث مرات ويزال عنها إلى الحفيرة ثم تكبر الحفيرة وإن كانت مستوية بحيث لا يزول الماء عنها لا تغسل لعدم الفائدة في الغسل وقال الشافعي إذا كوثرت بالماء طهرت وهذا فاسد لأن الماء النجس باق حقيقة ولكن ينبغي أن تقلب فيجعل أعلاها أسفلها وأسفلها أعلاها ليصير التراب الطاهر وجه الأرض هكذا روى أن اعرابيا بال في المسجد فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحفر موضع بوله فدل أن الطريق ما قلنا والله أعلم * (كتاب الصلاة) * يحتاج لمعرفة مسائل كتاب الصلاة إلى معرفة أنواع الصلاة وما يشتمل عليه كل نوع من الكيفيات والأركان والشرائط والواجبات والسنن وما يستحب فعله فيه وما يكره وما يفسده ومعرفة حكمه إذا فسد أو فات عن وقته (فنقول) وبالله التوفيق الصلاة في الأصل أربعة أنواع فرض وواجب وسنة ونافلة والفرض نوعان فرض عين وفرض كفاية وفرض العين نوعان أحدهما الصلوات المعهودة في كل يوم وليلة والثاني صلاة الجمعة أما الصلوات المعهودة في كل يوم وليلة فالكلام فيها يقع في مواضع في بيان أصل فرضيتها وفي بيان عددها وفي بيان عدد ركعاتها وفي بيان أركانها وفي بيان شرائط الأركان وفي بيان واجباتها وفي بيان سنتها وفي بيان ما يستحب فعله وما يكره فيها وفي بيان ما يفسدها وفي بيان حكمها إذا أفسدت أو فاتت عن أوقاتها أو فات شئ من صلاة من هذه الصلوات عن الجماعة أو عن محله الأصلي ونذكره في آخر الصلاة (أما) فرضيتها فثابتة بالكتاب والسنة والاجماع والمعقول (أما) الكتاب فقوله تعالى في غير موضع من القرآن أقيموا الصلاة وقوله إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا أي فرضا مؤقتا وقوله تعالى حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ومطلق اسم الصلاة ينصرف إلى الصلوات المعهودة وهي التي تؤدى في كل يوم وليلة وقوله تعال أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل الآية يجمع الصلوات الخمس لان صلاة الفجر تؤدى في أحد طرفي النهار وصلاة الظهر والعصر يؤديان في الطرف الآخر إذا لنهار قسمان غداة وعشى والغداة اسم لأول النهار إلى وقت الزوال وما بعده العشي حتى أن من حلف لا يأكل العشي فأكل بعد الزوال يحنث فدخل في طرفي النهار ثلاث صلوات ودخل في قوله وزلفا من الليل المغرب والعشاء لأنهما يؤديان في زلف من الليل وهي ساعاته وقوله أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر قيل دلوك الشمس زوالها وغسق الليل أول ظلمته فيدخل فيه صلاة الظهر والعصر وقوله وقرآن الفجر أي وأقم قرآن الفجر وهو صلاة الفجر فثبتت فرضية ثلاث صلوات بهذه الآية وفرضية صلاتي المغرب والعشاء ثبتت بدليل آخر وقيل دلوك الشمس غروبها فيدخل فيه صلاة المغرب والعشاء تدخل صلاة الفجر في قوله وقرآن الفجر وفرضية صلاة الظهر والعصر ثبتت بدليل آخر وقوله تعالى فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون روى عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال حين تمسون المغرب والعشاء وحين تصبحون الفجر وعشيا العصر وحين تظهرون الظهر ذكر التسبيح وأراد به الصلاة أي صلوا لله اما لان التسبيح من لوازم الصلاة أو لأنه تنزيه والصلاة من أولها إلى آخرها تنزيه الرب عز وجل لما فيها من اظهار الحاجات إليه واظهار العجز والضعف وفيه وصف له بالجلال والعظمة والرفعة والتعالي عن الحاجة قال الشيخ أبو منصور الماتريدي السمرقندي انهم فهموا من هذه الآية فرضية الصلوات الخمس ولو كانت
(٨٩)