فضيلته عن فضيلة الأحرار يوجبان الكراهة وكذا الغالب على الاعرابي الجهل قال الله تعالى الاعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر أن لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله والأعرابي هو البدوي وانه اسم ذم والعربي اسم مدح وكذا ولد الزنا الغالب من حاله الجهل لفقده من يؤدبه ويعلمه معالم الشريعة ولان الإمامة أمانة عظيمة فلا يتحملها الفاسق لأنه لا يؤدى الأمانة على وجهها والأعمى يوجهه غيره إلى القبلة فيصير في أمر القبلة مقتديا بغيره وربما يميل في خلال الصلاة عن القبلة ألا ترى إلى ما روى عن ابن عباس رضي الله عنه انه كان يمتنع عن الإمامة بعدما كف بصره ويقول كيف أؤمكم وأنتم تعدلونني ولأنه لا يمكنه التوقي عن النجاسات فكان البصير أولى الا إذا كان في الفضل لا يوازيه في مسجده غيره فحينئذ يكون أولى ولهذا استخلف النبي صلى الله عليه وسلم ابن أم مكتوم رضي الله عنه وامامة صاحب الهوى والبدعة مكروهة نص عليه أبو يوسف في الأمالي فقال أكره أن يكون الامام صاحب هوى وبدعة لان الناس لا يرغبون في الصلاة خلفه وهل تجوز الصلاة خلفه قال بعض مشايخنا ان الصلاة خلف المبتدع لا تجوز وذكر في المنتقى رواية عن أبي حنيفة انه كان لا يرى الصلاة خلف المبتدع والصحيح انه إن كان هوى يكفره لا تجوز وإن كان لا يكفره تجوز مع الكراهة وكذا المرأة تصلح للإمامة في الجملة حتى لو أمت النساء جاز وينبغي أن تقوم وسطهن لما روى عن عائشة رضي الله عنها انها أمت نسوة في صلاة العصر وقامت وسطهن وأمت أم سلمة نساء وقامت وسطهن ولان مبنى حالهن على الستر وهذا أستر لها الا ان جماعتهن مكروهة عندنا وعند الشافعي مستحبة كجماعة الرجال ويروى في ذلك أحاديث لكن تلك كانت في ابتداء الاسلام ثم نسخت بعد ذلك ولا يباح للشواب منهن الخروج إلى الجماعات بدليل ما روى عن عمر رضي الله عنه انه نهى الشواب عن الخروج ولان خروجهن إلى الجماعة سبب الفتنة والفتنة حرام وما أدى إلى الحرام فهو حرام وأما العجائز فهل يباح لهن الخروج إلى الجماعات فتذكر الكلام فيه في موضع آخر وكذا الصبي العاقل يصلح اماما في الجملة بان يؤم الصبيان في التراويح وفى إمامته البالغين فيها اختلاف المشايخ على ما مر فاما المجنون والصبي الذي لا يعقل فليسا من أهل الإمامة أصلا لأنهما ليسا من أهل الصلاة * (فصل) * وأما بيان من يصلح للإمامة على التفصيل فكل من صح اقتداء الغير به في صلاة يصلح اماما له فيها ومن لا فلا وقد مر بيان شرائط صحة الاقتداء والله الموفق * (فصل) * وأما بيان من هو أحق بالإمامة وأولى بها فالحر أولى بالإمامة من العبد والتقى أولى من الفاسق والبصير أولى من الأعمى وولد الرشدة أولى من ولد الزنا وغير الاعرابي من هؤلاء أولى من الاعرابي لما قلنا ثم أفضل هؤلاء أعلمهم بالسنة وأفضلهم ورعا وأقرؤهم لكتاب الله تعالى وأكبرهم سنا ولا شك ان هذه الخصال إذا اجتمعت في انسان كان هو أولى لما بينا ان بناء أمر الإمامة على الفضيلة والكمال والمستجمع فيه هذه الخصال من أكمل الناس واما العلم والورع وقراءة القرآن فظاهر واما كبر السن فلان من امتد عمره في الاسلام كان أكثر طاعة ومداومة على الاسلام فاما إذا تفرقت في أشخاص فأعلمهم بالسنة أولى إذا كان يحسن من القراءة ما تجوز به الصلاة وذكر في كتاب الصلاة وقدم الأقرأ فقال ويؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله وأعلمهم بالسنة وأفضلهم ورعا وأكبرهم سنا والأصل فيه ما روى عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ليؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا سواء فأعلمهم بالسنة فإن كانوا سواء فأقدمهم هجرة فإن كانوا سواء فأكبرهم سنا فإن كانوا سواء فأحسنهم خلقا فإن كانوا سواء فأصبحهم وجها ثم من المشايخ من أجرى الحديث على ظاهره وقدم الأقرأ لان النبي صلى الله عليه وسلم بدأ به والأصح ان الأعلم بالسنة إذا كان يحسن من القراءة ما تجوز به الصلاة فهو أولى كذا ذكر في آثار أبي حنيفة لافتقار الصلاة بعد هذا القدر من القراءة إلى العلم ليتمكن به من تدارك ما عسى ان يعرض في الصلاة من العوارض وافتقار القراءة أيضا إلى العلم بالخطأ المفسد للصلاة فيها فلذلك كان الأعلم أفضل حتى قالوا إن الأعلم إذا كان ممن يجتنب الفواحش الظاهرة
(١٥٧)