الصلاة معه (وأما) حكم مكان الصلاة فالمصلى لا يخلوا ما إن كان يصلى على الأرض أو على غيرها من البساط ونحوه ولا يخلو اما إن كانت النجاسة في مكان الصلاة أو في غيره بقرب منه ولا يخلوا ما إن كانت قليلة أو كثيرة فإن كان يصلى على الأرض والنجاسة بقرب من مكان الصلاة جازت صلاته قليلة كانت أو كثيرة لان شرط الجواز طهارة مكان الصلاة وقد وجد لكن المستحب ان يبعد عن موضع النجاسة تعظيما لأمر الصلاة وإن كانت النجاسة في مكان الصلاة فإن كانت قليلة تجوز على أي موضع كانت لان قليل النجاسة عفو في حق جواز الصلاة عندنا على ما مر وإن كانت كثيرة فإن كانت في موضع اليدين والركبتين تجوز عند أصحابنا الثلاثة وعند زفر والشافعي لا تجوز وجه قولهما انه أدى ركنا من أركان الصلاة مع النجاسة فلا يجوز كما لو كانت النجاسة على الثوب أو البدن أو في موضع القيام (ولنا) ان وضع اليدين والركبتين ليس بركن ولهذا لو أمكنه السجود بدون الوضع يجزئه فيجعل كأنه لم يضع أصلا ولو ترك الوضع جازت صلاته فههنا أولى وهكذا نقول فيما إذا كانت النجاسة على موضع القيام ان ذلك ملحق بالعدم غير أن القيام ركن من أركان الصلاة فلا يثبت الجواز بدونه بخلاف الثوب لان لابس الثوب صار حاملا للنجاسة مستعملا لها لأنها تتحرك بتحركه وتمشي بمشيه لكونها تبعا للثوب اما ههنا بخلافه وإن كانت النجاسة في موضع القدمين فان قام عليها وافتتح الصلاة لم تجز لان القيام ركن فلا يصح بدون الطهارة كما لو افتتحها مع الثوب النجس أو البدن النجس وان قام على مكان طاهر وافتتح الصلاة ثم تحول إلى موضع النجاسة وقام عليها أو قعد فان مكث قليلا لا تفسد صلاته وان أطال القيام فسدت لان القيام من أفعال الصلاة مقصودا لأنه ركن فلا يصح بدون الطهارة فيخرج من أن يكون فعل الصلاة لعدم الطهارة وما ليس من أفعال الصلاة إذا دخل في الصلاة إن كان قليلا يكون عفوا والا فلا بخلاف ما إذا كانت النجاسة على موضع اليدين والركبتين حيث لا تفسد صلاته وان أطال الوضع لان الوضع ليس من أفعال الصلاة مقصودا بل من توابعها فلا يخرج من أن يكون فعل الصلاة تبعا لعدم الطهارة لوجود الطهارة في الأصل وإن كانت النجاسة في موضع السجود لم يجز في قول أبى يوسف ومحمد وعن أبي حنيفة روايتان روى عنه محمد انه لا يجوز وهو الظاهر من مذهبه وروى أبو يوسف عنه انه يجوز وجه قولهما ان الفرض هو السجود على الجبهة وقدر الجبهة أكثر من قدر الدرهم فلا يكون عفوا وجه رواية أبى يوسف عن أبي حنيفة ان فرض السجود يتأدى بمقدار أرنبة الانف عنده وذلك أقل من قدر الدرهم فيجوز والصحيح رواية محمد لان الفرض وإن كان يتأدى بمقدار الأرنبة عنده ولكن إذا وضع الجبهة مع الأرنبة يقع الكل فرضا كما إذا طول القراءة زيادة على ما يتعلق به جواز الصلاة ومقدار الجبهة والانف يزيد على قدر الدرهم فلا يكون عفوا ثم قوله إذا سجد على موضع نجس لم تجز أي صلاته كذا ذكر في ظاهر الرواية وهو قول زفر وروى عن أبي يوسف انه لم يجز سجوده فأما الصلاة فلا تفسد حتى لو أعاد السجود على موضع طاهر جاز صلاته ووجهه ان السجود على موضع نجس ملحق بالعدم لانعدام شرط الجواز وهو الطهارة فصار كأنه لم يسجد عليه وسجد على مكان طاهر وجه ظاهر الرواية ان السجدة أو ركن آخر لما لم يجز على موضع نجس صار فعلا كثيرا ليس من أفعال الصلاة وذا يوجب فساد الصلاة ولو كانت النجاسة في موضع احدى القدمين على قياس رواية أبى يوسف عن أبي حنيفة يجوز لان أدنى القيام هو القيام بإحدى القدمين وإحداهما طاهرة فيتأدى به الفرض فكان وضع الأخرى فضلا بمنزلة وضع اليدين والركبتين وعلى قياس رواية محمد عنه لا يجوز وهو الصحيح لأنه إذا وضعهما جميعا يتأدى الفرض بهما كما في القراءة على ما مر والله أعلم هذا إذا كان يصلى على الأرض فأما إذا كان يصلى على بساط فإن كانت النجاسة في مكان الصلاة وهي كثيرة فحكمه حكم الأرض على ما مر وإن كانت على طرف من أطرافه اختلف المشايخ فيه قال بعضهم إن كان البساط كبيرا بحيث لو رفع طرف منه لا يتحرك الطرف الآخر يجوز والا فلا كما إذا تعمم بثوب وأحد طرفيه ملقى على الأرض وهو نجس انه إن كان بحال لا يتحرك بتحركه جاز
(٨٢)