كلها وذا من امارات السنن ولأبي حنيفة ما روى خارجة بن حذافة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الله تعالى زادكم صلاة الا وهي الوتر فصلوها ما بين العشاء إلى طلوع الفجر والاستدلال به من وجهين أحدهما أنه أمر بها ومطلق الامر للوجوب والثاني انه سماها زيادة والزيادة على الشئ لا تتصور الا من جنسه فأما إذا كان غيره فإنه يكون قرانا لا زيادة ولان الزيادة إنما تتصور على المقدر وهو الفرض فاما النفل فليس بمقدر فلا تتحقق الزيادة عليه ولا يقال إنها زيادة على الفرض لكن في الفعل لا في الوجوب لأنهم كانوا يفعلونها قبل ذلك الا ترى أنه قال الا وهي الوتر ذكرها معرفة بحرف التعريف ومثل هذا التعريف لا يحصل الا بالعهد ولذا لم يستفسروها ولو لم يكن فعلها معهودا لاستفسروا فدل أن ذلك في الوجوب لا في الفعل ولا يقال إنها زيادة على السنن لأنها كانت تؤدى قبل ذلك بطريق السنة وروى عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أوتروا يا أهل القران فمن لم يوتر فليس منا ومطلق الامر للوجوب وكذا التوعد على الترك دليل الوجوب وروى أبو بكر أحمد بن علي الرازي باسناده عن أبي سليمان بن أبي بردة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الوتر حق واجب فمن لم يوتر فليس منا وهذا نص في الباب وعن الحسن البصري أنه قال اجمع المسلمون على أن الوتر حق واجب وكذا حكى الطحاوي فيه اجماع السلف ومثلهما لا يكذب ولأنه إذا فات عن وقته يقضى عندهما وهو أحد قولي الشافعي ووجوب القضاء عن الفوات لا عن عذر يدل على وجوب الأداء ولذا لا يؤدى على الراحلة بالاجماع عند القدرة على النزول وبعينه ورد الحديث وذا من أمارات الوجوب والفرضية ولأنها مقدرة بالثلاث والتنفل بالثلاث ليس بمشروع وأما الأحاديث اما الأول ففيه نفى الفرضية دون الوجوب لان الكتابة عبارة عن الفرضية ونحن به نقول إنها ليست بفرض ولكنها واجبة وهي آخر أقوال أبي حنيفة والرواية الأخرى محمولة على ما قبل الوجوب ولا حجة لهم في الأحاديث الاخر لأنها تدل على فرضية الخمس والوتر عندنا ليست بفرض بل هي واجبة وفى هذا حكاية وهو ما روى أن يوسف بن خالد السمتي سأل أبا حنيفة عن الوتر فقال هي واجبة فقال يوسف كفرت يا أبا حنيفة وكان ذلك قبل أن يتلمذ عليه كأنه فهم من قول أبي حنيفة أنه يقول إنها فريضة فزعم أنه زاد على الفرائض الخمس فقال أبو حنيفة ليوسف أيهولني اكفارك إياي وأنا أعرف الفرق بين الواجب والفرض كفرق ما بين السماء والأرض ثم بين له الفرق بينهما فاعتذر إليه وجلس عنده للتعلم بعد أن كان من أعيان فقهاء البصرة وإذا لم يكن فرضا لم تصر الفرائض الخمس ستا بزيادة الوتر عليها وبه تبين ان زيادة الوتر على الخمس ليست نسخا لها لأنها بقيت بعد الزيادة كل وظيفة اليوم والليلة فرضا أما قولهم إنه لا وقت لها فليس كذلك بل لها وقت وهو وقت العشاء الا ان تقديم العشاء عليها شرط عند التذكر وذا لا يدل على التبعية كتقديم كل فرض على ما يعقبه من الفرائض ولهذا اختص بوقت استحسانا فان تأخيرها إلى آخر الليل مستحب وتأخير العشاء إلى آخر الليل يكره أشد الكراهة وذا أمارة الأصالة إذ لو كانت تابعة للعشاء لتبعته في الكراهة والاستحباب جميعا وأما الجماعة والأذان والإقامة فلأنها من شعائر الاسلام فتختص بالفرائض المطلقة ولهذا لا مدخل لها في صلاة النساء وصلاة العيدين والكسوف وأما القراءة في الركعات كلها فلضرب احتياط عند تباعد الأدلة عن ادخالها تحت الفرائض المطلقة على ما نذكر * (فصل) * وأما بيان من تجب عليه فوجوبه لا يختص بالبعض دون البعض كالجمعة وصلاة العيدين بل يعم الناس أجمع من الحر والعبد والذكر والأنثى بعد أن كان أهلا للوجوب لان ما ذكرنا من دلائل الوجوب لا يوجب الفصل * (فصل) * وأما الكلام في مقداره فقد اختلف العلماء فيه قال أصحابنا الوتر ثلاث ركعات بتسليمة واحدة في الأوقات كلها وقال الشافعي هو بالخيار ان شاء أوتر بركعة أو ثلاث أو خمس أو سبع أو أحد عشر في الأوقات كلها وقال الزهري في شهر رمضان ثلاث ركعات وفى غيره ركعة احتج الشافعي بما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من شاء أوتر بركعة ومن شاء أوتر بثلاث أو بخمس ولنا ما روى عن ابن مسعود وابن عباس وعائشة رضي الله عنهم انهم قالوا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاث ركعات وعن الحسن قال اجمع
(٢٧١)