عليه الا بحرج (وأما) الأعمى فاجمعوا على أنه إذا لم يجد قائد الا تجب عليه وان وجد قائدا فكذلك عند أبي حنيفة وعند أبي يوسف ومحمد تجب والمسألة مع حججها تأتى في كتاب الحج إن شاء الله تعالى * (فصل) * وأما بيان من تنعقد به الجماعة فأقل من تنعقد به الجماعة اثنان وهو أن يكون مع الامام واحد لقول النبي صلى الله عليه وسلم الاثنان فما فوقهما جماعة ولان الجماعة مأخوذة من معنى الاجتماع وأقل ما يتحقق به الاجتماع اثنان وسواء كان ذلك الواحد رجلا أو امرأة أو صبيا يعقل لان النبي صلى الله عليه وسلم سمى الاثنين مطلقا جماعة ولحصول معنى الاجتماع بانضمام كل واحد من هؤلاء إلى الامام وأما المجنون والصبي الذي لا يعقل فلا عبرة بهما لأنهما ليسا من أهل الصلاة فكانا ملحقين بالعدم * (فصل) * وأما بيان ما يفعله بعد فوات الجماعة فلا خلاف في أنه إذا فائته الجماعة لا يجب عليه الطلب في مسجد آخر لكنه كيف يصنع ذكر في الأصل انه إذا فاتته الجماعة في مسجد حيه فان أتى مسجدا آخر يرجو ادراك الجماعة فيه فحسن وان صلى في مسجد حيه فحسن لحديث الحسن قال كانوا إذا فاتتهم الجماعة فمنهم من يصلى في مسجد حيه ومنهم من يتبع الجماعة أراد به الصحابة رضي الله عنهم ولان في كل جانب مراعاة حرمة وترك أخرى ففي أحد الجانبين مراعاة حرمة مسجده وترك الجماعة وفى الجانب الآخر مراعاة فضيلة الجماعة وترك حق مسجده فإذا تعذر الجمع بينهما مال إلى أيهما شاء وذكر القدوري انه إذا فاتته الجماعة جمع باهله في منزله وان صلى وحده جاز لما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم انه خرج من المدينة إلى صلح بين حيين من أحياء العرب فانصرف منه وقد فرغ الناس من الصلاة فمال إلى بيته وجمع باهله في منزله وفى هذا الحديث دليل على سقوط الطلب إذا لو وجب لكان أولى الناس به رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر الشيخ الامام السرخسي أن الأولى في زماننا انه إذا لم يدخل مسجده أن يتبع الجماعة وان دخل مسجده صلى فيه * (فصل) * وأما بيان من يصلح للإمامة في الجملة فهو كل عاقل مسلم حتى تجوز امامة العبد والأعرابي والأعمى وولد الزنا والفاسق وهذا قول العامة وقال مالك لا تجوز الصلاة خلف الفاسق ووجه قوله إن الإمامة من باب الأمانة والفاسق خائن ولهذا لا شهادة له لكون الشهادة من باب الأمانة (ولنا) ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال صلوا خلف من قال لا إله إلا الله وقوله صلى الله عليه وسلم صلوا خلف كل بر وفاجر والحديث والله أعلم وان ورد في الجمع والأعياد لتعلقهما بالأمراء وأكثرهم فساق لكنه بظاهره حجة فيما نحن فيه إذا لعبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب وكذا الصحابة رضي الله عنهم كابن عمر وغيره والتابعون اقتدوا بالحجاج في صلاة الجمعة و غيرها مع أنه كان أفسق أهل زمانه حتى كان عمر بن عبد العزيز يقول لو جاءت كل أمة بخبيثها وجئنا بأبى محمد لغلبناهم وأبو محمد كنية الحجاج وروى عن أبي سعيد مولى بنى أسيد أنه قال عرست فدعوت وهطا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم أبو ذر وحذيفة وأبو سعيد الخدري فحضرت الصلاة فقدموني فصليت بهم وانا يومئذ عبد وفى رواية قال فتقدم أبو ذر يصلى بهم فقيل له أتتقدم وأنت في بيت غيرك فقدموني فصليت بهم وأنا يومئذ عبد وهذا حديث معروف أورده محمد في كتاب المأذون وروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استخلف ابن أم مكتوم على الصلاة بالمدينة حتى خرج إلى بعض الغزوات وكان أعمى ولأن جواز الصلاة متعلق بأداء الأركان وهؤلاء قادرون عليها الا ان غيرهم أولى لان مبنى الإمامة على الفضيلة ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤم غيره ولا يؤمه غيره وكذا كل واحد من الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم في عصره ولان الناس لا يرغبون في الصلاة خلف هؤلاء فتؤدى امامتهم إلى تقليل الجماعة وذلك مكروه ولان مبنى أداء الصلاة على العلم والغالب على العبد والأعرابي وولد الزنا الجهل اما العبد فلانه لا يتفرغ عن خدمة مولاه ليتعلم العلم وقال الشافعي إذا ساوى العبد غيره في العلم والورع كان هو وغيره سواء ولا تكون الصلاة خلف غيره أحب إلى (واحتج) بحديث أبي سعيد مولى بنى أسيد وذا يدل على الجواز ولا كلام فيه وتقليل الجماعة وانتقاص
(١٥٦)