بركن أصلى بل ثبت رخصة ومبنى الرخصة على الخفة (ولنا) ما روى عن معاذ رضي الله عنه أنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة ورأيته توضأ مرتين مرتين ورأيته توضأ ثلاثا ثلاثا وما رأيته مسح على رأسه الا مرة واحدة وكذا روى عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه علم الناس وضوء رسول الله عليه وسلم ومسح مرة واحدة (وأما) حكاية عثمان وعلي رضي الله عنهما فالمشهور عنهما انهما مسحا مرة واحدة كذا ذكر أبو داود في سنته أن الصحيح من حديث عثمان رضي الله عنه أنه مسح رأسه وأذنيه مرة واحدة وكذا روى عبد خبر عن علي رضي الله عنه أنه توضأ في رحبة الكوفة بعد صلاة الفجر ومسح رأسه مرة واحدة ثم قال من سره أن ينظر إلى وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فلينظر إلى وضوئي هذا ولو ثبت ما رواه الشافعي فهو محمول على أنه فعله بماء واحد وذلك سنة عندنا في رواية الحسن عن أبي حنيفة ولان التثليث بالمياه الجديدة تقريب إلى الغسل فكان مخلا باسم المسح واعتباره بالغسل فاسد من وجهين أحدهما أن المسح بنى على التخفيف والتكرار من باب التغليظ فلا يليق بالمسح بخلاف الغسل والثاني أن التكرار في الغسل مفيد لحصول زيادة نظافة ووضاءة لا تحصل بالمرة الواحدة ولا يحصل ذلك بتكرار المسح فبطل القياس (ومنها) أن يمسح الاذنين ظاهرهما وباطنهما بماء الرأس وقال الشافعي السنة أن يأخذ لكل واحد منهما ماء جديدا وجه قوله إنهما عضوان منفردان وليسا من الرأس حقيقة وحكما أما الحقيقة فان الرأس منبت الشعر ولا شعر عليهما وأما الحكم فلان المسح عليهما لا ينوب عن مسح الرأس ولو كانا في حكم الرأس لناب المسح عليهما عن مسح الرأس كسائر اجزاء الرأس (ولنا) ما روى عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح أذنيه بماء مسح به رأسه وروى عن أنس ابن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الأذنان من الرأس ومعلوم أنه ما أراد به بيان الخلقة بل بيان الحكم الا أنه لا ينوب المسح عليهما عن مسح الرأس لان وجوب مسح الرأس ثبت بدليل مقطوع به وكون الاذنين من الرأس ثبت بخبر الواحد وانه يوجب العمل دون العلم فلو ناب المسح عليهما عن مسح الرأس لجعلنا هما من الرأس قطعا وهذا لا يجوز وصار هذا كقول النبي صلى الله عليه وسلم الحطيم من البيت فالحديث يفيد كون الحطيم من البيت حتى يطاف به بالبيت ثم لا يجوز أداء الصلاة إليه لان وجوب الصلاة إلى الكعبة ثبت بدليل مقطوع به وكون الحطيم من البيت ثبت بخبر الواحد والعمل بخبر الواحد إنما يجب إذا لم يتضمن ابطال العمل بدليل مقطوع به أما إذا تضمن فلا كذلك ههنا (وأما) تخليل اللحية فعند أبي حنيفة ومحمد من الآداب وعند أبي يوسف سنة هكذا ذكر محمد في كتاب الآثار لأبي يوسف ما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ وشبك أصابعه في لحيته كأنها أسنان المشط ولهما أن الذين حكموا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم ما خللوا لحاهم وما رواه أبو يوسف فهو حكاية فعله صلى الله عليه وسلم ذلك اتفاقا لا بطريق المواظبة وهذا لا يدل على السنة (وأما) مسح الرقبة فقد اختلف المشايخ فيه قال أبو بكر الأعمش انه سنة وقال أبو بكر الإسكاف انه أدب * (فصل) * وأما آداب الوضوء (فمنها) أن لا يستعين المتوضى على وضوئه بأحد لما روى عن أبي الجنوب أنه قال رأيت عليا يستقى ماء لوضوئه فبادرت استقى له فقال مه يا أبا الجنوب فانى رأيت عمر يستقى ماء لوضوئه فبادرت أستقي له فقال مه يا أبا الحسن فانى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستقى ماء لوضوئه فبادرت استقى له فقال مه يا عمر انى لا أريد أن يعينني على صلاتي أحد (ومنها) أن لا يسرف في الوضوء ولا يقتروا الأدب فيما بين الاسراف والتقتير إذا لحق بين الغلو والتقصير قال النبي صلى الله عليه وسلم خير الأمور أوسطها (ومنها) ذلك أعضاء الوضوء خصوصا في الشتاء لأن الماء يتجافى عن الأعضاء (ومنها) ان يدعو عند كل فعل من أفعال الوضوء بالدعوات المأثورة المعروفة وان يشرب فضل وضوئه قائما إذا لم يكن صائما ثم يستقبل القبلة ويقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ويملأ الآنية عمدة لوضوء آخر ويصلى ركعتين لان كل ذلك مما ورد في الاخبار انه فعله صلى
(٢٣)