المسجد ينتظرون أذان المؤذن المعروف فيحضرون حينئذ ولان حق المسجد لم يقض بعد لان قضاء حقه على أهله الا ترى أن المرمة ونصب الامام والمؤذن عليهم فكان عليهم قضاؤه ولا عبرة بتقليل الجماعة الأولين لان ذلك مضاف إليهم حيث لا ينتظروا حضور أهل المسجد بخلاف أهل المسجد لان انتظارهم ليس بواجب عليهم ولا حجة له في الحديث لأنه أمر واحدا وذا لا يكره وإنما المكروه ما كان على سبيل التداعي والاجتماع بل هو حجة عليه لأنه لم يأمر أكثر من الواحد مع حاجتهم إلى احراز الثوب وما ذكر من المعنى غير سديد لان قضاء حق المسجد على وجه يؤدى إلى تقليل الجماعة مكروه ويستوى في وجوب مراعاة الأذان والإقامة الأداء والقضاء وجملة الكلام فيه انه لا يخلوا ما إن كانت الفائتة من الصلوات الخمس واما إن كانت صلاة الجمعة فإن كانت من الصلوات الخمس فان فاته صلاة واحدة قضاها باذان وإقامة وكذا إذا فاتت الجماعة صلاة واحدة قضوها بالجماعة باذان وإقامة وللشافعي قولان في قول يصلى بغير اذان وإقامة وفى قول يصلى بالإقامة لا غير (احتج) بما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما شغل عن أربع صلوات يوم الأحزاب قضاهن بغير اذان ولا إقامة وروى في قصة ليلة التعريس أن النبي صلى الله عليه وسلم ارتحل من ذلك الوادي فلما ارتفعت الشمس أمر بلالا فأقام وصلوا ولم يأمره بالاذان ولان الاذان للاعلام بدخول الوقت ولا حاجة ههنا إلى الاعلام به (ولنا) ما روى أبو قتادة الأنصاري رضي الله عنه في حديث ليلة التعريس فقال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة أو سرية فلما كان في آخر السحر عرسنا فما استيقظنا حتى أيقظنا حر الشمس فجعل الرجل منا يثب دهشا وفزعا فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ارتحلوا من هذا الوادي فإنه وادى شيطان فارتحلنا ونزلنا بواد آخر فلما ارتفعت الشمس وقضى القوم حوائجهم أمر بلالا بان يؤذن فاذن وصلينا ركعتين ثم أقام فصلينا صلاة الفجر وهكذا روى عمران بن حصين هذه القصة وروى أصحاب الاملاء عن أبي يوسف باسناده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه حين شغلهم الكفار يوم الأحزاب عن أربع صلوات قضاهن فامر بلالا أن يؤذن ويقيم لكل واحدة منهن حتى قالوا أذن وأقام وصلى الظهر ثم أذن وأقام وصلى العصر ثم أذن وأقام وصلى المغرب ثم أذن وأقام وصلى العشاء ولان القضاء على حسب الأداء وقد فاتتهم الصلاة باذان وإقامة فتقضى كذلك ولا تعلق له بحديث التعريس والأحزاب لأن الصحيح انه أذن هناك وأقام على ما روينا وأما إذا فاتته صلوات فان أذن لكل واحدة وأقام فحسن وان أذن وأقام للأولى واقتصر على الإقامة للبواقي فهو جائز وقد اختلفت الروايات في قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلوات التي فاتته يوم الخندق في بعضها أنه أمر بلالا فاذن وأقام لكل صلاة على ما روينا وفى بعضها انه أذن وأقام للأولى ثم أقام لكل صلاة بعدها وفى بعضها انه اقتصر على الإقامة لكل صلاة ولا شك أن الاخذ برواية الزيادة أولى خصوصا في باب العبادات وان فاتته صلاة الجمعة صلى الظهر بغير أذان ولا إقامة لان الأذان والإقامة للصلاة التي تؤدى بجماعة مستحبة وأداء الظهر بجماعة يوم الجمعة مكروه في المصر كذا روى عن علي رضي الله عنه * (فصل) * وأما بيان وقت الأذان والإقامة فوقتهما ما هو وقت الصلوات المكتوبات حتى لو أذن قبل دخول الوقت لا يجزئه ويعيده إذا دخل الوقت في الصلوات كلها في قول أبي حنيفة ومحمد وقد قال أبو يوسف أخير الا بأس بان يؤذن للفجر في النصف الأخير من الليل وهو قول الشافعي (واحتجا) بما روى سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه رضي الله عنه أن بلالا كان يؤذن بليل وفى رواية قال لا يغرنكم أذان بلال عن السحور فإنه يؤذن بليل ولان وقت الفجر مشتبه وفى مراعاته بعض الحرج بخلاف سائر الصلوات (ولأبي) حنيفة ومحمد وما روى شداد مولى عياض بن عامر ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال لا تؤذن حتى يستبين لك الفجر هكذا ومد يده عرضا ولان الاذان شرع للاعلام بدخول الوقت والاعلام بالدخول قبل الدخول كذب وكذا هو من باب الخيانة في الأمانة والمؤذن مؤتمن على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ولهذا لم يجز في سائر الصلوات ولان الاذان قبل الفجر
(١٥٤)