فاتى بحجرين وروثة فاخذ الحجرين ورمى بالروثة وقال إنها رجس أو ركس أي نجس وليس له نص معارض وإنما قال بعض العلماء بطهارتها بالرأي والاجتهاد والاجتهاد لا يعارض النص فكانت نجاستها غليظة وعلى قولهما نجاستها خفيفة لان العلماء اختلفوا فيها وبول مالا يؤكل لحمه نجس نجاسة غليظة بالاجماع على اختلاف الأصلين (أما) عنده فلانعدام نص معارض لنص النجاسة (وأما) عندهما فلوقوع الاتفاق على نجاسته وبول ما يؤكل لحمه نجس نجاسة خفيفة بالاتفاق اما عنده فلتعارض النصين وهما حديث العرنيين مع حديث عمار وغيره في البول مطلقا وأما عندهما فلاختلاف العلماء فيه (وأما) العذرات وخرء الدجاج والبط فنجاستها غليظة بالاجماع على اختلاف الأصلين هذا على وجه البناء على الأصل الذي ذكره الكرخي (وأما) الكلام في الا وراث على طريقة الابتداء فوجه قولهما أن في الا وراث ضرورة وعموم البلية لكثرتها في الطرقات فتتعذر صيانة الخفاف والنعال عنها وما عمت بليته خفت قضيته بخلاف خرء الدجاج والعذرة لان ذلك قلما يكون في الطرق فلا تعم البلوى بإصابته وبخلاف بول ما يؤكل لحمه لان ذلك تنشفه الأرض ويجف بها فلا تكثر اصابته الخفاف والنعال وروى عن محمد في الروث انه لا يمنع جواز الصلاة وإن كان كثيرا فاحشا وقيل إن هذا آخر أقاويله حين كان بالري وكان الخليفة بها فرأى الطرق والخانات مملوءة من الا وراث وللناس فيها بلوى عظيمة فعلى هذا القياس قال بعض مشايخنا بما وراء النهر ان طين بخارى إذا أصاب الثوب لا يمنع جواز الصلاة وإن كان كثيرا فاحشا لبلوى الناس فيه لكثرة العذرات في الطرق وأبو حنيفة احتج بقوله تعالى من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين جمع بين الفرث والدم لكونهما نجسين ثم بين الأعجوبة للخلق في اخراج ما هو نهاية في الطهارة وهو اللبن من بين شيئين نجسين مع كون الكل مائعا في نفسه ليعرف به كمال قدرته والحكيم إنما يذكر ما هو النهاية في النجاسة ليكون اخراجه ما هو النهاية في الطهارة من بين ما هو النهاية في النجاسة نهاية في الأعجوبة وآية لكمال القدرة ولأنها مستخبثة طبعا ولا ضرورة في اسقاط اعتبار نجاستها لأنها وان كثرت في الطرقات فالعيون تدركها فيمكن صيانة الخفاف والنعال كما في بول ما لا يؤكل لحمه والأرض وإن كانت تنشف الأبوال فالهواء يجفف الأرواث فلا تلتزق بالمكاعب والخفاف على أنا اعتبرنا معنى الضرورة بالعفو عن القليل منها وهو الدرهم فما دونه فلا ضرورة في الترقية بالتقدير بالكثير الفاحش والله أعلم ولو أن ثوبا اصابته النجاسة وهي كثيرة فجفت وذهب أثرها وخفي مكانها غسل جميع الثوب وكذا لو أصابت أحد الكمين ولا يدرى أيهما هو غسلهما جميعا وكذا إذا راثت البقرة أو بالت في الكديس ولا يدرى مكانه غسل الكل احتياطا وقيل إذا غسل موضعا من الثوب كالدخريص ونحوه واحد الكمين وبعضا من الكديس يحكم بطهارة الباقي وهذا غير سديد لان موضع النجاسة غير معلوم وليس البعض أولى من البعض ولو كان الثوب طاهرا فشك في نجاسته جاز له أن يصلى فيه لأن الشك لا يرفع اليقين وكذا إذا كان عنده ماء طاهر فشك في وقوع النجاسة فيه ولا بأس بلبس ثياب أهل الذمة والصلاة فيها الا الإزار والسراويل فإنه تكره الصلاة فيهما وتجوز (أما) الجواز فلان الأصل في الثياب هو الطهارة فلا تثبت النجاسة بالشك ولان التوارث جار فيما بين المسلمين بالصلاة في الثياب المغنومة من الكفرة قبل الغسل وأما الكراهة في الإزار والسراويل فلقربهما من موضع الحدث وعمى لا يستنزهون من البول فصار شبيه يد المستيقظ ومنقار الدجاجة المخلاة وذكر في بعض المواضع في الكراهة خلافا على قول أبي حنيفة ومحمد يكره وعلى قول أبى يوسف لا يكره وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه سئل عن الشراب في أواني المجوس فقال إن لم تجدوا منها بدا فاغسلوها ثم اشربوا فيها وإنما أمر بالغسل لان ذبائحهم ميتة وأوانيهم قلما تخلو عن دسومة منها قال بعض مشايخنا وكذلك الجواب في ثياب الفسقة من المسلمين لأن الظاهر أنهم لا يتوقون إصابة الخمر ثيابهم في حال الشرب وقالوا في الديباج الذي ينسجه أهل فارس انه لا تجوز الصلاة فيه لأنهم يستعملون فيه البول عند النسج يزعمون أنه يزيد في بريقه ثم لا يغسلونه لان الغسل يفسده فان صح انهم يفعلون ذلك فلا شك انه لا تجوز
(٨١)