وغيرها وذا لا يتصور من الكافر فلا يبقى طهارة في حقه ولهذا لم تنعقد طهارة مع الكفر فلا تبقى طهارة معه (ولنا) أن التيمم وقع طهارة صحيحة فلا يبطل بالردة لان أثر الردة في ابطال العبادات والتيمم بعبادة عندنا لكنه طهور والردة لا تبطل صفة الطهورية كما لا تبطل صفة الوضوء واحتمال الحاجة باق لأنه مجبور على الاسلام والثابت بيقين يبقى لوهم الفائدة في أصول الشرع الا أنه لم ينعقد طهارة مع الكفر لان جعله طهارة للحاجة والحاجة زائلة للحال بيقين وغير الثابت بيقين لا يثبت لوهم الفائدة مع ما أن رجاء الاسلام منه على موجب ديانته واعتقاده منقطع والجبر على الاسلام منعدم وهو الفرق بين الابتداء والبقاء (ومنها) أن يكون التراب طاهرا فلا يجوز التيمم بالتراب النجس لقوله تعالى فتيمموا صعيدا طيبا ولا طيب مع النجاسة ولو تيمم بأرض قد أصابتها نجاسة فجفت وذهب أثرها لم يجز في ظاهر الرواية وروى ابن الكاس النخعي عن أصحابنا انه يجوز وجه هذه الرواية ان النجاسة قد استحالت أرضا بذهاب أثرها ولهذا جازت الصلاة عليها فيجوز التيمم بها أيضا (ولنا) ان احراق الشمس ونسف الرياح ونسف الأرض أثرها في تقليل النجاسة دون استئصالها والنجاسة وان قلت تنافى وصف الطهارة فلم يكن اتيانا بالمأمور به فلم يجز فأما النجاسة القليلة فلا تمنع جواز الصلاة عند أصحابنا ولا يمتنع أن يعتبر القليل من النجاسة في بعض الأشياء دون البعض ألا ترى ان النجاسة القليلة لو وقعت في الاناء تمنع جواز الوضوء به ولو أصابت الثوب لا تمنع جواز الصلاة ولو تيمم جنب أو محدث من مكان ثم تيمم غيره من ذلك المكان أجزأه لان التراب المستعمل مالتزق بيد المتيمم الأول لا ما بقي على الأرض فنزل ذلك منزلة ماء فضل في الاناء بعد وضوء الأول أو اغتساله به وذلك طهور في حق الثاني كذا هذا * (فصل) * واما بيان ما يتيمم به فقد اختلف فيه قال أبو حنيفة ومحمد يجوز التيمم بكل ما هو من جنس الأرض وعن أبي يوسف روايتان في رواية بالتراب والرمل وفي رواية لا يجوز الا بالتراب خاصة وهو قوله الآخر ذكره القدوري وبه أخذ الشافعي والكلام فيه يرجع إلى أن الصعيد المذكور في الآية ما هو فقال أبو حنيفة ومحمد هو وجه الأرض وقال أبو يوسف هو التراب المنبت واحتج بقول ابن عباس رضي الله عنهما انه فسر الصعيد بالتراب الخالص وهو مقلد في هذا الباب ولأنه ذكر الصعيد الطيب والصعيد الطيب هو الذي يصلح للنبات وذلك هو التراب دون السبخة ونحوها (ولهما) ان الصعيد مشتق من الصعود وهو العلو قال الأصمعي فعيل بمعنى فاعل وهو الصاعد وكذا قال ابن الاعرابي انه اسم لما تصاعد حتى قيل للقبر صعيد لعلوه وارتفاعه وهذا لا يوجب الاختصاص بالتراب بل يعم جميع أنواع الأرض فكان التخصيص ببعض الأنواع تقييد المطلق الكتاب وذلك لا يجوز بخبر الواحد فكيف بقول الصحابي والدليل على أن الصعيد لا يختص ببعض الأنواع ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال عليكم بالأرض من غير فصل وقال جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا واسم الأرض يتناول جميع أنواعها ثم قال أينما أدركتني الصلاة تيممت وصليت وربما تدركه الصلاة في الرمل وما لا يصلح للانبات فلا بد وأن يكون بسبيل من التيمم به والصلاة معه بظاهر الحديث (وأما) قوله سماء طيبا فنعم لكن الطيب يستعمل بمعنى الطاهر وهو الأليق ههنا لأنه شرع مطهرا والتطهير لا يقع الا بالطاهر مع أن معنى الطهارة صار مرادا بالاجماع حتى لا يجوز التيمم بالصعيد النجس فخرج غيره من أن يكون مرادا إذ المشترك لا عموم له ثم لابد من معرفة جنس الأرض فكل ما يحترق بالنار فيصير رمادا كالحطب والحشيش ونحوهما أو ما ينطبع ويلين كالحديد والصفر والنحاس والزجاج وعين الذهب والفضة ونحوها فليس من جنس الأرض وما كان بخلاف ذلك فهو من جنسها ثم اختلف أبو حنيفة ومحمد فيما بينهما فقال أبو حنيفة يجوز التيمم بكل ما هو من جنس الأرض التزق بيده شئ أولا وقال محمد لا يجوز الا إذا التزق بيده شئ من أجزائه فالأصل عنده انه لابد من استعمال جزء من الصعيد ولا يكون ذلك الا بان يلتزق بيده شئ (وعند) أبي حنيفة هذا ليس بشرط مس وجه الأرض باليدين وإمرارهما على العضوين وإذا عرف هذا فعلى قول أبي حنيفة يجوز التيمم بالجص والنورة
(٥٣)