معلق في الهواء فتوضأ وافتتح الصلاة فتوضأت ووقفت عن يساره فأخذ باذني وفى رواية بذؤابتي وأدارني خلفه حتى أقامني عن يمينه فعدت إلى مكاني فأعادني ثانيا وثالثا فلما فرغ قال ما منعك يا غلام أن تثبت في الموضع الذي أوقفتك فيه فقلت أنت رسول الله ولا ينبغي لاحد أن يساويك في الموقف فقال صلى الله عليه وسلم اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل فأعاده رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه إلى الجانب الأيمن دليل على أن المختار هو الوقوف على يمين الامام إذا كان معه رجل واحد وكذا روى عن حذيفة رضي الله عنه أنه قام عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم فحوله وأقامه عن يمينه ثم إذا وقف عن يمينه لا يتأخر عن الامام في ظاهر الرواية وعن محمد أنه ينبغي أن تكون أصابعه عند عقب الامام وهو الذي وقع عند العوام ولو كان المقتدى أطول من الامام وكان سجوده قدام الامام لم يضره لان العبرة لموضع الوقوف لا لموضع السجود كما لو وقف في الصف ووقع سجوده أمام الامام لطوله ولو وقف عن يساره جاز لان الجواز متعلق بالأركان الا ترى أن ابن عباس وحذيفة رضي الله عنهم ا وقفا في الابتداء عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جوز اقتداءهما به ولكنه يكره لأنه ترك المقام المختار له ولهذا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عباس وحذيفة ولو وقف خلفه جاز لما مر وهل يكره لم يذكر محمد الكراهة نصا واختلف المشايخ فيه قال بعضهم لا يكره لان الواقف خلفه أحد الجانبين منه على يمينه فلا يتم اعراضه عن السنة بخلاف الواقف على يساره وقال بعضهم يكره لأنه يصير في معنى المنفرد خلف الصف وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لا صلاة لمنبذ خلف الصفوف وأدنى درجات النهى هو الكراهة وإنما نشأ هذا الاختلاف عن إشارة محمد فإنه قال وان صلى خلفه جازت صلاته وكذلك ان وقف عن يسار الامام وهو مسئ فمنهم من صرف جواب الإساءة إلى آخر الفعلين ذكرا ومنهم من صرفه إليهما جميعا وهو الصحيح لأنه عطف أحدهما على الآخر بقوله وكذلك ثم أثبت الإساءة فينصرف إليهما وإذا كان مع الامام امرأة أقامها خلفه لان محاذاتها مفسدة وكذلك لو كان معه خنثى مشكل لاحتمال انه امرأة ولو كان معه رجل وامرأة أو رجل وخنثى أقام الرجل عن يمينه والمرأة أو الخنثى خلفه ولو كان معه رجلان وامرأة أو خنثى أقام الرجلين خلفه والمرأة أو الخنثى خلفهما ولو اجتمع الرجال والنساء والصبيان والخناثى والصبيات المراهقات فأرادوا أن يصطفوا للجماعة يقوم الرجال صفا مما يلي الامام ثم الصبيان بعدهم ثم الخناثى ثم الإناث ثم الصبيات المراهقات وكذلك الترتيب في الجنائز إذا اجتمعت وفيها جنازة الرجل والصبي والخنثى والأنثى والصبية المراهقة وكذلك القتلى إذ أجمعت في حفيرة واحدة عند الحاجة على ما يذكر ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى (وأفضل) مكان المأموم إذا كان رجلا حيث يكون أقرب إلى الامام لقول النبي صلى الله عليه وسلم خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وإذا تساوت المواضع في القرب إلى الامام فعن يمينه أولى لان النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب التيامن في الأمور وإذا قاموا في الصفوف تراصوا وسووا بين مناكبهم لقوله صلى الله عليه وسلم تراصوا والصقوا المناكب بالمناكب * (فصل) * وأما بيان ما يستحب للامام أن يفعله عقيب الفراغ من الصلاة فنقول إذا فرغ الامام من الصلاة فلا يخلوا ما إن كانت صلاة لا تصلى بعدها سنة أو كانت صلاة تصلى بعدها سنة فإن كانت صلاة لا تصلى بعدها سنة كالفجر والعصر فان شاء الامام قام وان شاء قعد في مكانه يشتغل بالدعاء لأنه لا تطوع بعد هاتين الصلاتين فلا بأس بالقعود الا أنه يكره المكث على هيئته مستقبل القبلة لما روى عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من الصلاة لا يمكث في مكانه الا مقدار أن يقول اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والاكرام وروى جلوس الامام في مصلاه بعد الفراغ مستقبل القبلة بدعة ولان مكثه يوهم الداخل انه في الصلاة فيقتدى به فيفسد اقتداؤه فكان المكث تعريضا لفساد اقتداء غيره به فلا يمكث ولكنه يستقبل القوم بوجهه ان شاء ان لم يكن بحذائه أحد يصلى لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من صلاة
(١٥٩)