الفجر استقبل بوجهه أصحابه وقال هل رأى أحدكم رؤيا كأنه كان يطلب رؤيا فيها بشرى بفتح مكة فإن كان بحذائه أحد يصلى لا يستقبل القوم بوجهه لان استقبال الصورة الصورة في الصلاة مكروه لما روى أن عمر رضي الله عنه رأى رجلا يصلى إلى وجه غيره فعلاهما بالدرة وقال للمصلى أتستقبل الصورة وللآخر أتستقبل المصلى بوجهك وان شاء انحرف لان بالانحراف يزول الاشتباه كما يزول بالاستقبال ثم اختلف المشايخ في كيفية الانحراف قال بعضهم ينحرف إلى يمين القبلة تبركا بالتيامن وقال بعضهم ينحرف إلى اليسار ليكون يساره إلى اليمين وقال بعضهم هو مخير ان شاء انحرف يمنة وان شاء يسرة وهو الصحيح لان ما هو المقصود من الانحراف وهو زوال الاشتباه يحصل بالأمرين جميعا (وان) كانت صلاة بعدها سنة يكره له المكث قاعدا وكراهة القعود مروية عن الصحابة رضي الله عنهم روى عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما انهما كانا إذا فرغا من الصلاة قاما كأنهما على الرضف ولان المكث يوجب اشتباه الامر على الداخل فلا يمكث ولكن يقوم ويتنحى عن ذلك المكان ثم يتنفل لما روى عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أيعجز أحدكم إذا فرغ من صلاته أن يتقدم أو يتأخر وعن ابن عمر رضي الله عنه انه كره للامام أن يتنفل في المكان الذي أم فيه ولان ذلك يؤدى إلى اشتباه الامر على الداخل فينبغي أن يتنحى إزالة للاشتباه أو استكثارا من شهوده على ما روى أن مكان المصلي يشهد له يوم القيامة (وأما) المأمومون فبعض مشايخنا قالوا لا حرج عليهم في ترك الانتقال لانعدام الاشتباه على الداخل عند معاينة فراغ مكان الامام عنه وروى عن محمد أنه قال يستحب للقوم أيضا أن ينقضوا الصفوف ويتفرقوا ليزول الاشتباه على الداخل المعاين الكل في الصلاة البعيد عن الامام ولما روينا من حديث أبي هريرة رضي الله عنه (وأما) الذي هو في الصلاة فنوعان نوع هو أصلى ونوع هو عارض ثبت وجوبه بسب عارض * (فصل) * أما الواجبات الأصلية في الصلاة فستة منها قراءة الفاتحة والسورة في صلاة ذات ركعتين وفى الأوليين من ذوات الأربع والثلاث حتى لو تركهما أو أحدهما فإن كان عامدا كان مسيأ وإن كان ساهيا يلزمه سجود السهو وهذا عندنا وقال الشافعي قراءة الفاتحة على التعيين فرض حتى لو تركها أو حرفا منها في ركعة لا تجوز صلاته وقال مالك قراءتهما على التعيين فرض (احتجا) بما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا صلاة لمن لم يقرأ فاتحة الكتاب وروى لا صلاة الا بفاتحة الكتاب وسورة معها أو قال وشئ معها ولان النبي صلى الله عليه وسلم واظب على قراءتهما في كل صلاة فيدل على الفرضية (ولنا) قوله تعالى فاقرؤا ما تيسر من القرآن أمر بمطلق القراءة من غير تعيين فتعيين الفاتحة فرضا أو تعيينهما نسخ الاطلاق ونسخ الكتاب بالخبر المتواتر لا يجوز عند الشافعي فكيف يجوز بخبر الواحد فقبلنا الحديث في حق الوجوب عملا حتى تكره ترك قراءتهما دون الفرضية عملا بهما بالقدر الممكن كيلا يضطر إلى رده لوجوب رده عند معارضة الكتاب ومواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على فعل لا يدل على فرضيته فإنه كان يواظب على الواجبات والله أعلم (ومنها) الجهر بالقراءة فيما يجهر وهو الفجر والمغرب والعشاء في الأوليين والمخافتة فيما يخافت وهو الظهر والعصر إذا كان اماما والجملة فيه أنه لا يخلو اما أن يكون اماما أو منفردا فإن كان اماما يجب عليه مراعاة الجهر فيما يجهر وكذا في كل صلاة من شرطها الجماعة كالجمعة والعيدين والترويحات ويجب عليه المخافتة فيما يخافت وإنما كان كذلك لان القراءة ركن يتحمله الامام عن القوم فعلا فيجهر ليتأمل القوم ويتفكروا في ذلك فتحصل ثمرة القراءة وفائدتها للقوم فتصير قراءة الإمام قراءة لهم تقديرا كأنهم قرؤا وثمرة الجهر تفوت في صلاة النهار لان الناس في الأغلب يحضرون الجماعات في خلال الكسب والتصرف والانتشار في الأرض فكانت قلوبهم متعلقة بذلك فيشغلهم ذلك عن حقيقة التأمل فلا يكون الجهر مفيدا بل يقع تسبيبا إلى الاثم بترك التأمل وهذا لا يجوز بخلاف صلاة الليل لان الحضور إليها لا يكون في خلال الشغل وبخلاف الجمعة والعيدين لأنه يؤدى في الأحايين مرة على هيئة مخصوصة من الجمع العظيم وحضور السلطان وغير ذلك فيكون ذلك مبعثة على احضار القلب والتأمل ولان القراءة من أركان الصلاة
(١٦٠)