المقيمين فان علم قبل أن يدخل المصر ان الماء أمامه فشى إليه فتوضأ صلى أربعا أيضا لأنه بالنية صار مقيما فبالمشي بعد ذلك في الصلاة امامه لا يصير مسافرا في حق تلك الصلاة وان حصلت النية مقارنة لفعل السفر حقيقة لأنه لو جعل مسافرا لفسدت صلاته لان السفر عمل فحرمة الصلاة منعته عن مباشرة العمل شرعا بخلاف الإقامة لأنها ترك السفر وحرمة الصلاة لا تمنعه عن ذلك فلو تكلم حين علم بالماء أمامه أو أحدث متعمدا حتى فسدت صلاته ثم وجد الماء في مكانه يتوضأ ويصلى أربعا لأنه صار مقيما ولو مشى أمامه ثم وجد الماء يصلى ركعتين لأنه صار مسافرا ثانيا بالمشي إلى الماء بنية السفر خارج الصلاة فيصلى صلاة المسافرين بخلاف المشي في الصلاة لان حرمة الصلاة أخرجته من أن يكون سفرا والله أعلم * (فصل) * وأما أركانها فستة منها القيام والأصل ان كل متركب من معان متغايرة ينطلق اسم المركب عليها عند اجتماعها كان كل معنى منها ركنا للمركب كأركان البيت في المحسوسات والايجاب والقبول في باب البيع في المشروعات وكل ما يتغير الشئ به ولا ينطلق عليه اسم ذلك الشئ كان شرطا كالشهود في باب النكاح فهذا تعريف الركن والشرط بالتحديد وأما تعريفهما بالعلامة في هذا الباب فهو ان كل ما يدوم من ابتداء الصلاة إلى انتهائها كان شرطا وما ينقضى ثم يوجد غيره فهو ركن وقد وجد حد الركن وعلامته في القيام لأنه إذا وجد مع المعاني الاخر من القراءة والركوع والسجود ينطلق عليها اسم الصلاة وكذا لا يدوم من أول الصلاة إلى آخرها بل ينقضي ثم يوجد غيره فكان ركنا وقال الله تعالى وقوموا الله قانتين والمراد منه القيام في الصلاة (ومنها) الركوع (ومنها) السجود لوجود حد الركن وعلامته في كل واحد منهما وقال الله تعالى يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا وللقدر المفروض من الركوع أصل الانحناء والميل ومن السجود أصل الوضع فاما الطمأنينة عليهما فليست بفرض في قول أبي حنيفة ومحمد وعند أبي يوسف فرض وبه أخذ الشافعي ولقب المسألة ان تعديل الأركان ليس بفرض عندهما وعنده فرض ونذكر المسألة عند ذكر واجبات الصلاة وذكر سننها إن شاء الله تعالى واختلف في محل إقامة فرض السجود قال أصحابنا الثلاثة هو بعض الوجه وقال زفر والشافعي السجود فرض على الأعضاء السبعة الوجه واليدين والركبتين والقدمين واحتجا بما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أمرت أن أسجد على سبعة أعظم وفى رواية على سبعة آراب الوجه واليدين والركبتين والقدمين (ولنا) ان الامر تعلق بالسجود مطلقا من غير تعيين عضو ثم انعقد الاجماع على تعيين بعض الوجه فلا يجوز تعيين غيره ولا يجوز تقييد مطلق الكتاب بخبر الواحد فنحمله على بيان السنة عملا بالدليلين ثم اختلف أصحابنا الثلاثة في ذلك البعض قال أبو حنيفة هو الجبهة أو الانف غير عين حتى لو وضع أحدهما في حالة الاختيار يجزيه غير أنه لو وضع الجبهة وحدها جاز من غير كراهة ولو وضع الأنف وحده يجوز مع الكراهة وعند أبي يوسف ومحمد هو الجبهة على التعيين حتى لو ترك السجود عليها خال الاختيار لا يجزيه وأجمعوا على أنه لو وضع الأنف وحده في حال العذر يجزيه ولا خلاف في أن المستحب هو الجمع بينهما حالة الاختيار احتجا بما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال مكن جبهتك وانفك من الأرض أمر بوضعهما جميعا الا انه إذا وضع الجبهة وحدها وقع معتدا به لان الجبهة هي الأصل في الباب والانف تابع ولا عبرة لفوات التابع عند وجود الأصل ولأنه أتى بالأكثر وللأكثر حكم الكل ولأبي حنيفة ان المأمور به هو السجود مطلقا عن التعيين ثم قام الدليل على تعيين بعض الوجه باجماع بيننا لاجماعنا على أن ما سوى الوجه وما سوى هذين العضوين من الوجه غير مراد والانف بعض الوجه كالجبهة ولا اجماع على تعيين الجبهة فلا يجوز تعيينها وتقييد مطلق الكتاب بخبر الواحد لأنه لا يصلح ناسخا للكتاب فنحمله على بيان السنة احترازا عن الرد والله أعلم هذا إذا كان قادرا على ذلك فاما إذا كان عاجزا عنه فإن كان عجزه عنه بسبب المرض بأن كان مريضا لا يقدر على القيام والركوع والسجود يسقط عنه لان العاجز عن الفعل لا يكلف به وكذا إذا خاف زيادة العلة من ذلك لأنه يتضرر به وفيه أيضا حرج فإذا عجز عن القيام يصلى قاعدا بركوع وسجود فان عجز
(١٠٥)