بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله العلى القادر القوى القاهر الرحيم الغافر الكريم الساتر ذي السلطان الظاهر والبرهان الباهر خالق كل شئ ومالك كل ميت وحى خلق فأحسن وصنع فأتقن وقدر فغفر وأبصر فستر وكرم فعفى وحكم فأحفى عم فضله واحسانه وتمت حجته وبرهانه وظهر أمره وسلطانه فسبحانه ما أعظم شانه والصلاة والسلام على المبعوث بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله باذنه وسراجا منيرا فأوضح الدلالة وأزاح الجهالة وفل السفه وثل الشبه محمد سيد المرسلين وامام المتقين وعلى آله الأبرار وأصحابه المصطفين الاخبار (وبعد) فإنه لا علم بعد العلم بالله وصفاته أشرف من علم الفقه وهو المسمى بعلم الحلال والحرام وعلم الشرائع والأحكام له بعث الرسل وأنزل الكتب إذ لا سبيل إلى معرفته بالعقل المحض دون معونة السمع وقال الله تعالى يؤتى الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا قيل في بعض وجوه التأويل هو علم الفقه وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ما عبد الله بشئ أفضل من فقه في دين ولفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد وروى أن رجلا قدم من الشام إلى عمر رضي الله عنه فقال ما أقدمك قال قدمت لا تعلم التشهد فبكى عمر حتى ابتلت لحيته ثم قال والله انى لأرجو من الله أن لا يعذبك أبدا والاخبار والآثار في الحض على هذا النوع من العلم أكثر من أن تحصى وقد كثر تصانيف مشايخنا في هذا الفن قديما وحديثا وكلهم أفادوا وأجادوا غير أنهم لم يصرفوا العناية إلى الترتيب في ذلك سوى أستاذي وارث السنة ومورثها الشيخ الإمام الزاهد علاء الدين رئيس أهل السنة محمد بن أحمد بن أبي أحمد السمرقندي رحمه الله تعالى فاقتديت به فاهتديت إذ الغرض الأصلي والمقصود الكلى من التصنيف في كل فن من فنون العلم هو تيسير سبيل الوصول إلى المطلوب على الطالبين وتقريبه إلى افهام المقتبسين ولا يلتئم هذا المراد الا بترتيب تقتضيه الصناعة وتوجبه الحكمة وهو التصفح عن أقسام المسائل وفصولها وتخريجها على قواعدها وأصولها ليكون أسرع فهما وأسهل ضبطا وأيسر حفظا فتكثر الفائدة وتتوفر العائدة فصرفت العناية إلى ذلك وجمعت في كتابي
(٢)