لا تطول المدة بين التلاوة وبين السجدة فاما إذا طالت فقد دخلت في حيز القضاء وصار آثما بالتفويت عن الوقت ثم الامر في مقدار الطول على ما ذكرنا من اختلاف المشايخ * (فصل) * وأما سنن السجود فمنها أن يكبر عند السجود وعند رفع الرأس من السجود وروى الحسن عن أبي حنيفة أنه لا يكبر عند الانحطاط وهي رواية عن أبي يوسف لان التكبير للانتقال من الركن ولم يوجد ذلك عند الانحطاط ووجد عند الرفع والصحيح ظاهر الرواية لما روى عن عبد الله بن مسعود أنه قال للتالي إذا قرأت سجدة فكبر واسجد وإذا رفعت رأسك فكبر ولو ترك التحريمة يجوز عندنا وقال الشافعي لا يجوز لان هذا ركن من أركان الصلاة فلا يتأدى بدون التحريمة كالقيام في صلاة الجنازة الا ترى أنه يشترط له جميع شرائط الصلاة من ستر العورة واستقبال القبلة ويفسدها الكلام عند محمد وحرمة ما وراءها من الافعال أن يكون بدون التحريمة (ولنا) أن الامر تعلق بمطلق السجود فلو أوجبنا شيئا آخر لزدنا على النص ولان السجود وجب تعظيما لله تعالى وخضوعا له وترك التحريمة ليس بمناف للتعظيم وأما انكشاف العورة واستدبار القبلة والتكلم بما هو من كلام الناس فينا في التعظيم والخشوع وحرمة الكلام ممنوعة بل لا يعتد بالسجود مع الكلام لانعدام ما هو المقصود ولان السجود فعل واحد والتحريمة تجعل الافعال المختلفة عبادة واحدة وههنا الفعل واحد فلا حاجة إلى التحريمة بخلاف صلاة الجنازة لان هناك كل تكبيرة بمنزلة ركعة على ما يعرف هناك إن شاء الله تعالى ومنها أن يقول في هذه السجدة من التسبيح ما يقول في سجدة الصلاة فيقول سبحان ربي الأعلى ثلاثا وذلك أدناه وبعض المتأخرين استحبوا أن يقول فيها سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا لقوله تعالى يخرون للأذقان سجدا ويقولون سبحان ربنا الآية واستحبوا أيضا أن يقوم فيسجد لان الخرور سقوط من القيام والقرآن ورد به وان لم يفعل لم يضره ومنها أن الرجل إذا قرأ آية السجدة ومعه قوم فسمعوها فالسنة أن يسجدوا معه لا يسبقونه بالوضع ولا بالرفع لان التالي امام السامعين لما روى عن عمر رضي الله عنه أنه قال للتالي كنت امامنا لو سجدت لسجدنا معك وان فعلوا أجزأهم لأنه لا مشاركة بينه وبينهم في الحقيقة ألا ترى انه لو فسدت سجدته بسبب لا يتعدى إليهم ولا تشهد في هذه السجدة وكذا لا تسليم فيها لان التسليم تحليل ولا تحريمة لها عندنا فلا يعقل التحليل وعلى قياس مذهب الشافعي يسلم للخروج عن التحريمة ويكره للرجل ترك آية السجدة من سورة يقرأها لأنه قطع لنظم القرآن وتغيير لتأليفه واتباع النظم والتأليف مأمور به قال الله تعالى فإذا قرأناه فاتبع قرآنه أي تأليفه فكان التغيير مكروها ولأنه في صورة الفرار عن وجوب العبادة والاعراض عن تحصيلها بالفعل وذلك مكروه وكذا فيه صورة هجر آية السجدة وليس شئ من القرآن مهجورا ولو قرأ آية السجدة من بين السورة لم يضره ذلك لأنها من القرآن وقراءة ما هو من القرآن طاعة كقراءة سورة من بين السور والمستحب أن يقرأ معها آيات لتكون أدل على مراد الآية وليحصل بحق القراءة لا بحق ايجاب السجدة إذ القراءة للسجود ليست بمستحبة فيقرأ معها آيات ليكون قصده إلى التلاوة لا إلى الزام السجود ولو قرأ آية السجدة وعنده ناس فإن كانوا متوضئين متهيئين للسجدة قرأها فإن كانوا غير متهيئين ينبغي أن يخفض قراءتها لأنه لو جهر بها لصار موجبا عليهم شيئا ربما يتكاسلون عن أدائه فيقعون في المعصية ويكره للامام أن يتلوا آية السجدة في صلاة يخافت فيها بالقراءة وعند الشافعي لا يكره واحتج بما روى عن أبي سعيد الخدري أنه قال سجد بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في احدى صلاتي العشاء اما الظهر واما العصر حتى ظننا انه قرأ ألم السجدة ولو كان مكروها لما فعله النبي صلى الله عليه وسلم (ولنا) ان هذا لا ينفك عن أمر مكروه لأنه إذا تلا ولم يسجد فقد ترك الواجب وان سجد فقد لبس على القوم لأنهم يظنون أنه سها عن الركوع واشتغل بالسجدة الصلبية فيسبحون ولا يتابعونه وذا مكروه ولا ما لا ينفك عن مكروه كان مكروها وفعل النبي صلى الله عليه وسلم محمول على بيان الجواز فلم يكن مكروها وان تلاها مع ذلك سجد بها لتقرر السبب في حقه وهو التلاوة وسجد القوم معه لوجوب المتابعة عليهم ألا ترى انه سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وسجد القوم معه ولو
(١٩٢)