محمول على أنه كان لا يسجدها عقيب التلاوة كما كان يسجد من قبل نحمله على هذا بدليل ما روينا ثم في سورة حم السجدة عندنا السجدة عند قوله وهم لا يسأمون وهو مذهب عبد الله بن عباس ووائل بن حجر وعند الشافعي عند قوله إن كنتم إياه تعبدون وهو مذهب علي رضي الله عنه واحتج بما روى عن ابن مسعود وابن عمر رضي الله عنهم ا هكذا ولان الامر بالسجود ههنا فكان السجود عنده (ولنا) ان السجود مرة بالامر ومرة بذكر استكبار الكفار فيجب علينا مخالفتهم ومرة عند ذكر خشوع المطيعين فيجب علينا متابعتهم وهذه المعاني تتم عند قوله وهم لا يسأمون فكان السجود عنده أولى ولان فيما ذهب إليه أصحابنا أخذا بالاحتياط عند اختلاف مذاهب الصحابة رضي الله عنهم فان السجدة لو وجبت عند قوله تعبدون فالتأخير إلى قوله لا يسأمون لا يضر ويخرج عن الواجب ولو وجبت عند قوله لا يسأمون لكانت السجدة المؤداة قبله حاصلة قبل وجوبها ووجود سبب وجوبها فيوجب نقصانا في الصلاة ولم يؤد الثانية فيصير المصلى تاركا ما هو واجب في الصلاة فيصير النقص متمكنا في الصلاة من وجهين ولا نقص فيما قلنا البتة وهذا هو امارة التبحر في الفقه والله الموفق * (فصل) * وأما الذي هو عند الخروج من الصلاة فلفظ السلام عندنا وعند مالك والشافعي فرض والكلام في التسليم يقع في مواضع في بيان صفته انه فرض أم لا وفي بيان قدره وفي بيان كيفيته وفي بيان سننه وفي بيان حكمه أما صفته فإصابة لفظة السلام ليست بفرض عندنا ولكنها واجبة ومن المشايخ من أطلق اسم السنة عليها وانها لا تنافى الوجوب لما عرف وعند مالك والشافعي فرض حتى لو تركها عامدا كان مسيئا ولو تركها ساهيا يلزمه سجود السهو عندنا وعندهما لو تركها تفسد صلاته احتجا بقوله صلى الله عليه وسلم وتحليلها التسليم خص التسليم بكونه محللا فدل ان التحليل بالتسليم على التعيين فلا يتحلل بدونه ولان الصلاة عبادة لها تحليل وتحريم فيكون التحليل فيها ركنا قياسا على الطواف في الحج (ولنا) ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لابن مسعود حين علمه التشهد إذا قلت هذا أو فعلت هذا فقد قضيت ما عليك ان شئت أن تقوم فقم وان شئت أن تقعد فاقعد والاستدلال به من وجهين أحدهما انه جعله قاضيا ما عليه عند هذا الفعل أو القول وما للعموم فيما لا فيقضى أن يكون قاضيا جميع ما عليه ولو كان التسليم فرضا لم يكن قاضيا جميع ما عليه بدونه لان التسليم يبقى عليه والثاني انه خيره بين القيام والقعود من غير شرط لفظ التسليم ولو كان فرضا ما خيره ولان ركن الصلاة ما تتأدى به الصلاة والسلام خروج عن الصلاة ولو ترك لها لأنه كلام وخطاب لغيره فكان منافيا للصلاة فكيف يكون ركنا لها وأما الحديث فليس فيه نفى التحليل بغير التسليم الا أنه خص التسليم لكونه واجبا والاعتبار بالطواف غير سديد لان الطواف بمحلل إنما المحلل هو الحلق الا أنه توقف بالاحلال على الطواف فإذا طاف حل بالحلق لا بالطواف والحلق ليس بركن فنزل السلام في باب الصلاة منزلة الحلق في باب الحج ويبنى على هذا ان السلام ليس من الصلاة عندنا وعند الشافعي التسليمة الأولى من الصلاة والصحيح قولنا لما بينا (وأما) الكلام في قدره فهو انه يسلم تسليمتين إحداهما عن يمينه والأخرى عن يساره عند عامة العلماء وقال بعضهم يسلم تسليمة واحدة تلقاء وجهه وهو قول مالك وقيل هو قول الشافعي وقال بعضهم يسلم تسليمة واحدة عن يمينه وقال مالك في قول يسلم المقتدى تسليمتين ثم يسلم تسليمة ثالثة ينوى بها رد السلام على الامام واحتجوا بما روى عن عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم تسليمة تلقاء وجهه وروى عن سهل بن سعد رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم تسليمة عن يمينه ولان التسليم شرع للتحليل وانه يقع بالواحدة فلا معنى للثانية (ولنا) ما روى عن عبد الله بن مسعود أنه قال صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبى بكر وعمر رضي الله عنهما وكانوا يسلمون تسليمتين عن ايمانهم وعن شمائلهم وروى عن علي أنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم تسليمتين أولهما أرفعهما ولان احدى التسليمتين للخروج عن الصلاة والثانية للتسوية بين القوم في التحية وأما الأحاديث فالأخذ بما روينا أولى لان عليا وابن مسعود كانا من كبار الصحابة وكانا يقومان بقربه صلى الله عليه وسلم كما قال ليليني منكم أولو الأحلام والنهى فكانا أعرف بحال
(١٩٤)