اليسار وروى الحسن عن أبي حنيفة انه ينويه في الجانبين جميعا وهكذا ذكر في بعض نسخ الجامع الصغير وهو قول محمد لان يمين الامام عن يمين المقتدى ويساره عن يساره فكان له حظ في الجانبين فينويه في التسليمتين والله أعلم * (فصل) * وأما بيان ما يستحب فيها وما يكره فالأصل فيه انه ينبغي للمصلى أن يخشع في صلاته لان الله تعالى مدح الخاشعين في الصلاة ويكون منتهى بصره إلى موضع سجوده لما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى خاشعا شاخصا بصره إلى السماء فلما نزل قوله تعالى قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون رمى ببصره نحو مسجده أي موضع سجوده ولان هذا أقرب إلى التعظيم ثم أطلق محمد رحمه الله تعالى قوله ويكون منتهى بصره إلى موضع سجوده وفسره الطحاوي في مختصره فقال يرمى ببصره إلى موضع سجوده في حالة القيام وفى حالة الركوع إلى رؤس أصابع رجليه وفى حالة السجود إلى أرنبة أنفه وفى حالة القعدة إلى حجره لان هذا كله تعظيم وخشوع وروى في بعض الأخبار ان الله تعالى حين أمر الملائكة بالصلاة أمرهم كذلك وزاد بعضهم عند التسليمة الأولى على كتفه الأيمن وعند التسليمة الثانية على كتفه الأيسر ولا يرفع رأسه ولا يطأطئه لان فيه ترك سنة العين وهي النظر إلى المسجد فيخل بمعنى الخشوع وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم انه نهى أن يدبح الرجل تدبيح الحمار أي يطأطئ رأسه ولا يتشاغل بشئ غير صلاته من عبث بثيابه أو بلحيته لان فيه ترك الخشوع لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يعبث بلحيته في الصلاة فقال أما هذا لو خشع قلبه لخشعت جوارحه ولا يفرقع أصابعه لما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعلي رضي الله عنه انى أحب لك ما أحب لنفسي لا تفرقع أصابعك وأنت تصلى ولان فيه ترك الخشوع ولا يشبك بين أصابعه لما فيه من ترك سنة الوضع ولا يجعل يديه على خاصرته لما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم انه نهى عن الاختصار في الصلاة وقيل إنه استراحة أهل النار وقيل إن الشيطان لما أهبط اهبط مختصرا والتشبه بالكفرة وبإبليس مكروه خارج الصلاة ففي الصلاة أولى وعن عائشة انه عمل اليهود وقد نهينا عن التشبه بأهل الكتاب ولان فيه ترك سنة اليد وهي الوضع ولا يقلب الحصى الا أن يسويه مرة واحدة لسجوده لما روى عن أبي ذر أنه قال سألت خليلي عن كل شئ حتى سألته عن تسوية الحصى في الصلاة فقال يا أبا ذر مرة أو ذر وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لان يمسك أحدكم عن الحصى خير له من مائة ناقة سود الحدقة الا أنه رخص مرة واحدة إذا كان الحصى لا يمكنه من السجود لحاجته إلى السجود المسنون وهو وضع الجبهة والانف وتركه أولى لما روينا ولأنه أقرب إلى الخشوع ولا يلتفت يمنة ولا يسرة لقول النبي صلى الله عليه وسلم لو علم المصلى من يناجى ما التفت وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة فقال تلك خلسة يختلسها الشيطان من صلاة أحدكم وحد الالتفات المكروه أن يحول وجهه عن القبلة وأما النظر بمؤخر العين يمنة أو يسرة من غير تحويل الوجه فليس بمكروه لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلاحظ أصحابه بمؤخر عينيه ولان هذا مما لا يمكن التحرز عنه ولا يقعى لما روى عن أبي ذر أنه قال نهاني خليلي عن ثلاث ان أنقر نقر الديك وان أقعى إقعاء الكلب وان افترش افتراش الثعلب واختلفوا في تفسير الاقعاء قال الكرخي هو نصب القدمين والجلوس على العقبين وهو عقب الشيطان الذي نهى عنه في الحديث وقال الطحاوي هو الجلوس على الأليتين ونصب الركبتين ووضع الفخذين على البطن وهذا أشبه باقعاء الكلب ولان في ذلك ترك الجلسة المسنونة فكان مكروها ولا يفترش ذراعيه لما روينا ولا يتربع من غير عذر لما روى أن عبد الله بن عمر رأى ابنه يتربع في صلاته فنهاه عن ذلك فقال رأيتك تفعله يا أبت فقال إن رجلي لا تحملاني ولان الجلوس على الركبتين أقرب إلى الخشوع فكان أولى ولا يكره في حالة العذر لان مواضع الضرورة مستثناة من قواعد الشرع ولا يتمطى ولا يتثاءب في الصلاة لأنه استراحة في الصلاة فتكره كالاتكاء على شئ ولأنه مخل بمعنى الخشوع فإذا عرض له شئ من ذلك كظم ما استطاع فان غلب عليه التثاؤب جعل يده على فيه لما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع فإن لم يستطع فليضع
(٢١٥)