* (فصل) * وأما بيان ما تصح به وما تفسد وما يكره أما ما تصح به فكل ما يعتبر شرطا الصحة سائر الصلوات من الطهارة الحقيقة والحكمية واستقبال القبلة وستر العورة والنية يعتبر شرطا لصحتها حتى أنهم لو صلوا على جنازة والامام غير طاهر فعليهم اعادتها لان صلاة الامام غير جائزة لعدم الطهارة فكذا صلاتهم لأنها بناء على صلاته ولو كان الامام على الطهارة والقوم على غير طهارة جازت صلاة الامام ولم يكن عليهم اعادتها لان حق الميت تأدى بصلاة الامام ودلت المسألة على أن الجماعة ليست بشرط في هذه الصلاة ولو أخطؤا بالرأس فوضعوه في موضع الرجلين وصلوا عليها جازت الصلاة لاستجماع شرائط الجواز وإنما الحاصل بغير صفة الوضع وذا لا يمتنع الجواز الا انهم ان تعمدوا ذلك فقد أساؤا لتغييرهم السنة المتوارثة ولو تحروا على جنازة فأخطأوا القبلة جازت صلاتهم لان المكتوبة تجوز فهذه أولي وان تعمدوا خلافهم لم تجز كما في اعتبار شرط القبلة لأنه لا يسقط حالة الاختيار كما في سائر الصلوات ولو صلى راكبا أو قاعدا من غير عذر لم تجزهم استحسانا والقياس أن تجزئهم كسجدة التلاوة ولان المقصود منها الدعاء للميت وهو لا يختلف والأركان فيها التكبيرات ويمكن تحصيلها في حالة الركوب كما يمكن تحصيلها في حالة القيام وجه الاستحسان ان الشرع ما ورد بها الا في حالة القيام فيراعى فيها ما ورد به النص ولهذا لا يجوز اثبات الخلل في شرائطها فكذا في الركن بل أولى لان الركن أهم من الشرط ولان الأداء قعودا أو ركبانا يؤدى إلى الاستخفاف بالميت وهذه الصلاة شرعت لتعظيم الميت ولهذا تسقط في حق من تجب اهانته كالباغي والكافر وقاطع الطريق فلا يجوز أداء ما شرع للتعظيم على وجه يؤدى إلى الاستخفاف لأنه يؤدى إلى أن يعود على موضوعه بالنقص وذلك باطل ولو كان ولى الميت مريضا فصلى قاعدا وصلى الناس خلفه قياما أجزأهم في قول أبي حنيفة وأبى يوسف وقال محمد يجزئ الامام ولا يجزئ المأموم بناء على اقتداء القائم بالقاعد وقد مر ذلك ولو ذكروا بعد الصلاة على الميت انهم لم يغسلوه فهذا على وجهين اما ان ذكروا قبل الدفن أو بعده فإن كان قبل الدفن غسلوه وأعادوا الصلاة عليه لان طهارة الميت شرط لجواز الصلاة عليه كما أن طهارة الامام شرط لأنه بمنزلة الامام فتعتبر طهارته فإذا فقدت لم يعتد بالصلاة فيغسل ويصلى عليه وان ذكروا بعد الدفن لم ينبشوا عنه لان النبش حرام حقا لله تعالى فيسقط الغسل ولا تعاد الصلاة عليه لان طهارة الميت شرط جواز الصلاة عليه لما بينا وروى عن محمد انه يخرج ما لم يهيلوا عليه التراب لان ذلك ليس بنبش فان أهالوا التراب لم يخرج وتعاد الصلاة عليه لان تلك الصلاة لم تعتبر لتركهم الطهارة مع الامكان والآن فات الامكان فسقطت الطهارة فيصلى عليه ولو دفن بعد الغسل قبل الصلاة عليه صلى عليه في القبر ما لم يعلم أنه تفرق وفى الأمالي عن أبي يوسف أنه قال يصلى عليه إلى ثلاثة أيام هكذا ذكر ابن رستم عن محمد أما قبل مضى ثلاثة أيام فلما روينا ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قبر تلك المرأة فلما جازت الصلاة على القبر بعد ما صلى على الميت مرة فلان تجوز في موضع لم يصل عليه أصلا أولى وأما بعد الثلاثة أيام لا يصلى لان الصلاة مشروعة على البدن وبعد مضى الثلاث ينشق ويتفرق فلا يبقى البدن وهذا لان في المدة القليلة لا يتفرق وفى الكثيرة يتفرق فجعلت الثلاث في حد الكثرة لأنها جمع والجمع ثبت بالكثرة ولان العبرة للمعتاد والغالب في العادة أن يمضى الثلاث يتفسخ ويتفرق أعضاؤه والصحيح ان هذا ليس بتقدير لازم لأنه يختلف باختلاف الأوقات في الحر والبرد وباختلاف حال الميت في السمن والهزال وباختلاف الأمكنة فيحكم فيه غالب الرأي وأكبر الظن فان قيل روى عن النبي صلى الله عليه وسلم انه صلى على شهداء أحد بعد ثمان سنين فالجواب ان معناه والله أعلم أنه دعا لهم قال الله تعالى وصل عليهم ان صلاتك سكن لهم والصلاة في الآية بمعنى الدعاء وقيل إنهم لم تتفرق أعضاؤهم فان معاوية لما أراد ان يحولهم وجدهم كما دفنوا فتركهم وتجوز الصلاة على الجماعة مرة واحدة فإذا اجتمعت الجنائز فالامام بالخيار ان شاء صلى عليهم دفعة واحدة وان شاء صلى على كل جنازة على حدة لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوم أحد على كل عشرة من الشهداء صلاة واحدة ولان ما هو المقصود وهو الدعاء والشفاعة للموتى يحصل بصلاة واحدة فان أراد أن يصلى على كل واحدة على حدة فالأولى أن يقدم الأفضل فالأفضل فإن لم يفعل فلا بأس به ثم كيف توضع الجنائز إذا اجتمعت فنقول لا يخلو اما
(٣١٥)