كذلك وينزح كله كذا ذكر في الفتاوى عن أبي يوسف وذكر ابن رستم في نوادره ان المستحب في الفأرة نزح عشرين وفى الهرة نزح أربعين لان ما كان أعظم جثة كان أوسع فما وأكثر لعابا وذكر في فتاوى أهل بلخ إذا وقعت وزغة في بئر فأخرجت حية يستحب نزح أربع دلاء إلى خمس أو ست وروى عن أبي حنيفة وأبى يوسف في البقر والإبل انه ينجس الماء لأنها تبول بين أفخاذها فلا تخلو عن البول غير أن عند أبي حنيفة ينزح عشرون دلوا لان بول ما يؤكل لحمه نجس نجاسة خفيفة وقد ازداد خفة بسبب البئر فينزح أدنى ما ينزح من البئر وذلك عشرون وعند أبي يوسف ينزح ماء البئر كله لاستواء النجاسة الخفيفة والغليظة في حكم تنجيس الماء هذا كله إذا خرج حيا فان خرج ميتا فإن كان منتفخا أو متفسخا نزح ماء البئر كله وان لم يكن منتفخا ولا متفسخا ذكر في ظاهر الرواية وجعله ثلاث مراتب في الفأرة ونحوها ينزح عشرون دلوا أو ثلاثون وفى الدجاج ونحوه أربعون أو خمسون وفى الآدمي ونحوه ماء البئر كله وروى الحسن عن أبي حنيفة وجعله خمس مراتب في الحلمة ونحوها ينزح عشر دلاء وفى الفأرة ونحوها عشرون وفى الحمام ونحوه ثلاثون وفى الدجاج ونحوه أربعون وفى الآدمي ونحوه ماء البئر كله وقوله في الكتاب ينزح في الفأرة عشرون أو ثلاثون وفى الهرة أربعون أو خمسون لم يرد به التخيير بل أراد به عشرين وجوبا وثلاثين استحبابا وكذا في الأربعين والخمسين وقال بعضهم إنما قال ذلك لاختلاف الحيوانات في الصغر والكبر ففي الصغير منها ينزح الأقل وفى الكبير ينزح الأكثر والأصل في البئر انه وجد فيها قياسان أحدهما ما قاله بشر بن غياث المريسي انه يطم ويحفر في موضع آخر لان غاية ما يمكن ان ينزح جميع الماء لكن يبقى الطين والحجارة نجسا ولا يمكن كبه ليغسل والشافعي ما نقل عن محمد أنه قال اجتمع وأبى ورأي أبى يوسف ان ماء البئر في حكم الماء الجاري لأنه ينبع من أسفله ويؤخذ من أعلاه فلا ينجس بوقوع النجاسة فيه كحوض الحمام إذا كان يصب الماء فيه من جانب ويغترف من جانب آخر انه لا ينجس بادخال اليد النجسة فيه ثم قلنا وما علينا لو أمرنا بنزح بعض الدلاء ولا نخالف السلف الا انا تركنا القياسين الظاهرين بالخبر والأثر وضرب من الفقه الخفي اما الخبر فما روى القاضي أبو جعفر الاستروشني باسناده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الفأرة تموت في البئر ينزح منها عشرون وفى رواية ينزح ثلاثون دلوا وأما الأثر فما روى عن علي رضي الله عنه أنه قال ينزح عشرون وفى رواية ثلاثون وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال في دجاجة ماتت في البئر ينزح منها أربعون دلوا وعن ابن عباس وابن الزبير رضي الله عنهما انهما أمرا بنزح جميع ماء زمزم حين مات فيها زنجي وكان بمحضر من الصحابة رضي الله عنهم ولم ينكر عليهما أحد فانعقد الاجماع عليه وأما الفقه الخفي فهو ان في هذه الأشياء دما مسفوحا وقد تشرب في أجزائها عند الموت فنجسها وقد جاورت هذه الأشياء الماء والماء يتنجس أو يفسد بمجاورة النجس لان الأصل ان ما جاور النجس نجس بالشرع قال صلى الله عليه وسلم في الفأرة تموت في السمن الجامد يقور ما حولها ويلقى ويؤكل الباقي فقد حكم النبي صلى الله عليه وسلم بنجاسة جار النجس وفى الفأرة ونحوها ما يجاورها من الماء مقدار ما قدره أصحابنا وهو عشرون دلوا أو ثلاثون لصغر جثتها فحكم بنجاسة هذا القدر من الماء لان ما وراء هذا القدر لم يجاور الفأرة بل جاور ما جاور الفأرة والشرع ورد بتنجيس جار النجس لا بتنجيس جار جار النجس الا ترى ان النبي صلى الله عليه وسلم حكم بطهارة ما جاور السمن الذي جاور الفأرة وحكم بنجاسة ما جاور الفأرة وهذا لان جار جار النجس لو حكم بنجاسته لحكم أيضا بنجاسة ما جاور جار جار النجس ثم هكذا إلى ما لا نهاية له فيؤدى إلى أن قطرة من بول أو فأرة لو وقعت في بحر عظيم ان يتنجس جميع مائه لاتصال بين أجزائه وذلك فاسد وفى الدجاجة والسنور وأشباه ذلك المجاورة أكثر لزيادة ضخامة في جثتها فقدر بنجاسة ذلك القدر والآدمي وما كانت جثته مثل جثته كالشاة ونحوها يجاور جميع الماء في العادة لعظم جثته فيوجب تنجيس جميع الماء وكذا إذا تفسخ شئ من هذه الواقعات أو انتفخ لان عند ذلك تخرج البلة منها لرخاوة فيها فتجاور جميع اجزاء الماء وقيل ذلك لا يجاور الا قدر ما ذكرنا لصلابة فيها ولهذا قال محمد إذا وقع في
(٧٥)