بدونها ويشترط لها ما يشترط لسائر الأركان فاما التحريمة فليست بركن عند المحققين من أصحابنا بل هي شرط وعند الشافعي بركن وهو قول بعض مشايخنا واليه مال عصام بن يوسف وعلى هذا الخلاف الاحرام في باب الحج انه شرط عندنا وعنده ركن وثمرة الخلاف ان عندنا يجوز بناء النفل على الفرض بان يحرم للفرض ويفرغ منه ويشرع في النفل قبل التسليم من غير تحريمة جديدة وعنده لا يجوز ووجه البناء على هذا الأصل ان التحريمة لما كانت شرطا جاز أن يتأدى النفل بتحريمة الفرض كما يتأدى بطهارة وقعت للفرض وعنده لما كانت ركنا وقد انقضى الفرض بأركانه فتنقضي التحريمة أيضا وجه قول الشافعي ان حد الركن موجود فيها وهو ما ذكرنا وكذا وجدت علامة الأركان فيها لأنها لا تدوم بل تنقضي والدليل عليه انه يشترط لصحتها ما يشترط لسائر الأركان بخلاف الشروط (ولنا) قوله تعالى وذكر اسم ربه فصلى عطف الصلاة على الذكر الذي هو التحريمة بحرف التعقيب والاستدلال بالآية من وجهين أحدهما ان مقتضى العطف بحرف التعقيب ان توجد الصلاة عقيب ذكر اسم الله تعالى ولو كانت التحريمة ركنا لكانت الصلاة موجودة عند الذكر لاستحالة انعدام الشئ في حال وجود ركنه وهذا خلاف النص والثاني ان العطف يقتضى المغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه ولو كانت التحريمة ركنا لا يتحقق المغايرة لأنها تكون بعض الصلاة وبعض الشئ ليس غيره ان لم يكن عينه وكذا الموجود فيها حد الشرط لا حد الركن فإنه يعتبر الصلاة بها ولا ينطلق اسم الصلاة عليها مع سائر الشرائط فكانت شرطا وكذا علامة الشروط فيها موجودة فإنها باقية ببقاء حكمها وهو وجوب الانزجار عن محظورات الصلاة على أن العلامة إذا خالفت الحد لا يبطل به الحد بل يظهر ان العلامة كاذبة وأما قوله يشترط لها ما يشترط لسائر الأركان فممنوع انه يشترط ذلك لها بل للقيام المتصل بها والقيام ركن حتى أن الاحرام بالحج لما لم يكن متصلا بالركن جوزنا تقديمه على الوقت * (فصل) * وأما شرائط الأركان فجملة الكلام في الشرائط انها نوعان نوع يعم المنفرد والمقتدى جميعا وهو شرائط أركان الصلاة ونوع يخص المقتدى وهو شرائط جواز الاقتداء بالامام في صلاته (أما) شرائط أركان الصلاة (فمنها) الطهارة بنوعيها من الحقيقية والحكمية والطهارة الحقيقية هي طهارة الثوب والبدن ومكان الصلاة عن النجاسة الحقيقية والطهارة الحكمية هي طهارة أعضاء الوضوء عن الحدث وطهارة جميع الأعضاء الظاهرة عن الجنابة (أما) طهارة الثوب وطهارة البدن عن النجاسة الحقيقية فلقوله تعالى وثيابك فطهر وإذا وجب تطهير الثوب فتطهير البدن أولى (وأما) الطهارة عن الحدث والجنابة فلقوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم إلى قوله ليطهركم وقول النبي صلى الله عليه وسلم لا صلاة الا بطهور وقوله عليه الصلاة والسلام لا صلاة الا بطهارة وقوله صلى الله عليه وسلم مفتاح الصلاة الطهور وقوله تعالى وان كنتم جنبا فاطهروا وقوله صلى الله عليه وسلم تحت كل شعرة جنابة الا فبلوا الشعر وانقوا البشرة والانقاء هو التطهير فدلت النصوص على أن الطهارة الحقيقية عن الثوب والبدن والحكمية شرط جواز الصلاة والمعقول كذا يقتضى من وجوه أحدها ان الصلاة خدمة الرب وتعظيمه جل جلاله وعم نواله وخدمة الرب وتعظيمه بكل الممكن فرض ومعلوم ان القيام بين يدي الله تعالى ببدن طاهر وثوب طاهر على مكان طاهر يكون أبلغ في التعظيم وأكمل في الخدمة من القيام ببدن نجس وثوب نجس وعلى مكان نجس كما في خدمة الملوك في الشاهد وكذلك الحدث والجنابة وان لم تكن نجاسة مرئية فهي نجاسة معنوية توجب استقذار ما حل به الا ترى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يصافح حذيفة بن اليمان رضي الله عنه امتنع وقال إني جنب يا رسول الله فكان قيامه مخلا بالتعظيم على أنه ان لم يكن على أعضاء الوضوء نجاسة رأسا فإنها لا تخلو عن الدرن والوسخ لأنها أعضاء بادية عادة فيتصل بها الدرن والوسخ فيجب غسلها تطهيرا لها من الوسخ والدرن فتتحقق الزينة والنظافة فيكون أقرب إلى التعظيم وأكمل في الخدمة فمن أراد أن يقوم بين يدي الملوك للخدمة في الشاهد انه يتكلف للتنظيف والتزيين ويلبس أحسن ثيابه تعظيما للملك ولهذا كان الأفضل للرجل أن يصلى في أحسن ثيابه وأنظفها التي أعدها لزيارة العظماء
(١١٤)