ولو أوصى لوارث وأجنبي بعيد أو دار أو ثوب أو مال مسمى بطل نصيب الوارث وجاز للأجنبي ما يصيبه وهو النصف من جميع ما أوصى به للوارث والأجنبي، ولكن لو قال: أوصيت بكذا لفلان وفلان فإن كان سمى للوارث ثلثا ولأجنبي ثلثي ما أوصى به جاز للأجنبي ما سمى له، ورد عن الوارث ما سمى له، ولو كان له ابن يرثه ولابنه أم ولدته أو حضنته، أو أرضعته أو أب أرضعه أو زوجه أو ولد لا يرثه أو خادم أو غير فأوصى لهؤلاء كلهم أو لبعضهم جازت الوصية لهم لان كل هؤلاء غير وارث وكل هؤلاء مالك لما أوصى له به لملكه لماله إن شاء منعه ابنه وإن شاء أعطاه إياه.
وقال الصنعاني في سبل السلام: وذهب الهادي وجماعة إلى جوازها مستدلين بقوله تعالى (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت) الآية، قالوا: ونسخ الوجوب لا ينافي بقاء الجواز، قلنا: نعم لو لم يرد هذا الحديث، فإنه ناف لجوازها إذ وجوبها قد علم نسخه من آية المواريث كما قال ابن عباس: كان المال للولد والوصية للوالدين، فنسخ الله سبحانه من ذلك ما أحب، فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين، وجعل للأبوين لكل واحد منهما السدس وجعل للمرأة الثمن والربع وللزوج الشطر والربع.
وقوله في الحديث: إلا أن يشاء الورثة، دليل على صحة الوصية ونفاذها للوارث إن أجازها الورثة، لأنهم قد أسقطوا حقهم. وهو قول جمهور الفقهاء ما عدا المزني من أصحاب الشافعي وداود بن علي الظاهري وأصحابه وبعض الحنابلة حيث قالوا: لا أثر لإجازتهم، والظاهر أن لهم أثرا في جوازها، لأنه صلى الله عليه وسلم لما نهى عن الوصية للوارث قيدها بقوله إلا أن يشاء الورثة وأطلق لما منع الوصية عن الزائد عن الثلث، وليس لنا تقييد ما أطلقه ومن قيد هنالك قال: إنه يؤخذ القيد من التعليل بقوله (انك ان تذر.. الخ) فإنه دل على أن المنع من الزيادة على الثلث كان مراعاة لحق الورثة، فان أجازوا سقط حقهم ولا يخلو عن قوة. هذا في الوصية للوارث، واختلفوا إذا أقر المريض للوارث بشئ من ماله فأجازه الأوزاعي وجماعة مطلقا.