ثم دفعه إليه لينفق جاز، وان لم يقبض منه ولكنه أذن له في الانفاق عليها قرضا على الجمال ففيه قولان.
(أحدهما) لا يجوز لأنه إذا أنفق احتجنا أن يقبل قوله في استحقاق حق له على غيره (والثاني) يجوز لأنه موضع ضرورة، لأنه لا بد للجمال من علف وليس ههنا من ينفق غيره، فإن أذن له وأنفق ثم اختلفا في قدر ما أنفق فإن كان ما يدعيه زيادة على المعروف لم يلتفت إليه لأنه إن كان كاذبا فلا حق له وإن كان صادقا فهو متطوع بالزيادة فلم تصح الدعوى، وإن كان ما يدعيه هو المعروف فالقول قوله لأنه مؤتمن في الانفاق فقبل قوله فيه، فإن لم يكن حاكم فأنفق ولم يشهد لم يرجع لأنه متطوع، وإن أشهد فهل يرجع؟ فيه وجهان (أحدهما) لا يرجع لأنه يثبت حقا لنفسه على غيره من غير اذن ولا حاكم.
(والثاني) يرجع لأنه حق على غائب تعذر استيفاؤه منه فجاز أن يتوصل إليه بنفسه، كما لو كان له على رجل دين لا يقدر على أخذه منه، فإن لم يجد من يشهد أنفق. وفى الرجوع وجهان (أحدهما) لا يرجع، لما ذكرناه فيه إذا أشهد، (والثاني) يرجع، لان ترك الجمال مع العلم أنه لا بد لها من العلف إذن في الانفاق.
(الشرح) قوله (برة) محذوفة اللام، هي حلقة تجعل في أنف البعير تكون من النحاس ونحوه، وأبريت البعير جعلت له برة، وقوله (القماش) وهو ما على وجه الأرض من فتات الأشياء، حتى يقال لرذالة الناس قماش. وما أعطاني إلا قماشا، أي أردأ ما وجد، أفاده في القاموس.
وقوله في ترجمة الباب (ما يلزم المتكاريين) أي ما يتعين لدفع الخيار، فعلى المكرى تسليم مفتاح ضبة الدار إلى المكترى لتوقف الانتفاع عليه، وهو أمانة بيده، فلو تلف ولو بتقصير فعلى المكرى تجديده، فان امتنع لم يجبر ولم يأثم وينبنى على ذلك سؤال:
هل تصح إجارة دار لا باب لها؟ ففي هذه الصورة نظر وقد تتوجه الصحة إن أمكن الانتفاع بها بلا باب، كأن أمكن التسلق من الجدار، وعلى القول