في البيع، وإن لم يكن فيه عادة لم يصح حتى يبين مقدار ما يركب كل واحد منهما لأنه غير معلوم بالعادة، فوجب بيانه كالثمن في موضع لا نقد فيه، فان اختلفا في البادئ في الركوب أقرع بينهما، فمن خرجت عليه القرعة قدم لأنهما تساويا في الملك فقدم بالقرعة.
(الشرح) التعاقب التناوب، فينزل هذا نوبة وهذا نوبة. وفى الحديث (يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار) والعقب بضم العين جمع عقبة، أي نوبة قال الشافعي رضي الله عنه: فان تكارى منه لعبده فأراد أن يركب الليل دون النهار بالأميال، أو أراد ذلك به الجمال فليس ذلك لواحد منهما، ويركب على ما يعرف الناس العقبة، ثم ينزل فيمشي بقدر ما يركب، ثم يركب بقدر ما مشى، فيفدحه ولا الركوب فيضر بالبعير اه. ويفهم من كلامه ان القصد من عقد الإجارة تحقيق المنفعة للمستأجر وعدم المضارة بالبهيم لحرمته.
قال النووي رضي الله عنه (ويجوز كراء العقب في الأصح) وبيان ذلك أن يؤجر دابة رجلا ليركبها بعض الطريق ويمشي بعضها أو يركبه المالك تناوبا أو يؤجرها رجلين ليركب ذا أياما وذا أياما كذلك تناوبا، أو يقول: آجرتك نصفها لمكان كذا أو كلها لتركبها نصف الطريق فيصح كبيع المشاع، ويبين البعضين في الصورتين كنصف أو ربع ما لم يكن ثم عادة معروفه مضبوطة بالزمن أو المسافة ثم يقتسمان بالتراضي، فإذا تنازعا أيهما يبدأ أقرع بينهما، لأنهما يملكان المنفعة معا، ويغتفر التأجير الواقع لضرورة القسمة.
نعم شرط الصحة في الأولى تقدم ركوب المستأجر، وإلا بطلت لتعلقها حينئذ بزمن مستقبل، ومقابل الأصح في قول النووي أوجه أصحها المنع لأنها إجارة أزمان متقطعة. وفى الروضة أنه ليس لأحدهما أن يطلب المشي ثلاثا والركوب ثلاثا للمشقة. اه