بدل ملكه، وان قلنا: إنه لله تعالى اشترى به مثله ليكون وقفا مكانه. وقال الشيخ أبو حامد الأسفرايني: يشترى بها مثله ليكون وقفا وكأنه قولا واحدا لأنا وان قلنا إنه ينتقل إلى الموقوف عليه الا أنه لا يملك الانتفاع برقبته، وإنما يملك الانتفاع بمنفعته، ولان في ذلك ابطال حق البطن الثاني من الوقف، وان أتلفه الموقوف عليه - فإن قلنا إنه إذا أتلفه غيره كانت القيمة له - لم تجب عليه، لأنها تجب له ن وان قلنا يشترى بها ما يكون وقفا مكانه أخذت القيمة منه واشترى بها ما يكون مكانه.
وإن كان الوقف جارية فوطئها رجل بشبهة فاتت منه بولد ففي قيمة الولد ما ذكرناه من الطريقين في قيمة الوقف إذا أتلف، وإن كان الوقف عبدا فجنى جناية توجب المال لم يتعلق برقبته، لأنها ليست بمحل للبيع، فان قلنا إنه للموقوف عليه وجب الضمان علين. وأن قلنا: إنه لله تعالى ففيه ثلاثة أوجه.
(أحدها) يلزم الواقف، وهو قول أبي إسحاق وهو الصحيح، لأنه منع من بيعه ولم يبلغ به حالة يتعلق الأرش بذمته فلزمه أن يفديه كأم الولد (والثاني) أنه يجب في بيت المال لأنه لا يمكن ايجابه على الواقف لأنه لا يملكه ولا على الموقوف عليه لأنه لا يملكه، فلم يبق الا بيت المال، والثالث أنه يجب في كسبه لأنه كان محله الرقبة ولا يمكن تعليقه عليها فتعلق بكسبه لأنه مستفاد من الرقبة، ويجب أقل الأمرين من قيمته أو أرش الجناية لأنه لا يمكن بيعه كأم الولد.
(الشرح) خبر عمر معروف ومضى الكلام عليه وافيا إن شاء الله، أما مقاصد الفصل، فإن الوقف لا ينعقد الا بالقول لأنه طريقنا إلى العلم بمراده كالعتق، وألفاظ الوقف ستة، ثلاثة صريحة وثلاثة كناية، فالصريحة وقفت وحبست وسلبت، متى أتى بواحدة من هذه الثلاث صار وقفا من غير انضمام أمر زائد، لأن هذه الألفاظ ثبت لها حكم الاستعمال عرفا بين الناس وشرعا بالأخبار الصحيحة بقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر (ان شئت حبست أصلها وسبلت ثمرتها) أو (حبس الأصل وسبل الثمرة) على أي من الروايتين فصارت هذه الألفاظ في الوقف كلفظ التطليق في الطلاق