ومحمد بن الحسن انه لا يصح الوقف على النفس، قالا لأنه تمليك فلا يصح أن بتملكه لنفسه من نفسه كالبيع والهبة، ولقوله صلى الله عليه وسلم (سبل الثمرة) وتسبيلها تمليكها للغير.
قال ابن حجر: وتعقب بان امتناع ذلك غير مستحيل، ومنعه تمليكه لنفسه إنما هو لعدم الفائدة. والفائدة في الوقف حاصلة لان استحقاقه إياه وقفا. اه قلت: وقد استدل القائلون بصحة الوقف على النفس بحديث الرجل الذي قال للنبي صلى الله عليه وسلم (عندي دينار، فقال تصدق به على نفسك) رواه أبو داود والنسائي.
وقال ابن قدامة: قال الأثرم: قيل لأبي عبد الله - يعنى أحمد بن حنبل - يشترط في القوف انى أنفق على نفسي وأهل منه؟ قال نعم. واحتج قال: سمعت ابن عيينة عن ابن طاوس عن أبيه عن حجر المدري ان في صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأكل منها أهله بالمعروف غير المنكر. اه. ودليل المانعين وهم مالك والشافعي ومحمد بن الحسن انه إزالة ملك فلم يجز اشتراط نفعه لنفسه كالبيع والهبة، وكما لو أعتق عبدا بشرط ان يخدمه، ولان ما ينفقه على نفسه مجهول، فلم يصح اشتراطه كما لو باع شيئا واشترط ان ينتفع به.
وقال النووي في المنهاج (ويصح على ذمي لا مرتد وحربي ونفسه في الأصح) وقد فهم بعض الشراح كما يقول الرملي من هذا ان النووي صحح الوقف لنفسه، والذي يتبادر إلى الفهم من كلام النووي ان عطف نفسه يرجع على المعطوف عليه وهو ذمي المقول بصحة الوقف عليه، ولكن الرملي رحمه الله قال: لتعذر تمليك الانسان ملكه أو منافع ملكه لنفسه لأنه حاصل، ويمتنع تحصيل الحاصل واختلاف الجهة، إذ استحقاقه وقفا غيره ملكا الذي نظر له مقابل الأصح.
واختاره جمع، ومنه ان يشترط نحو قضاء دينه مما وقفه، أو انتفاعه به أو شربه منه أو مطالعته في الكتاب، أو طبخه في القدر أو استعماله من بئر أو كوز وقف ذلك على الفقراء؟ فيبطل الوقف بذلك، خلافا لبعض الشراح هنا، وكأنه توهم جواز ذلك من قول عثمان في وقفه لبئر رومة دلوي فيها كدلاء المسلمين.