المجموع - محيى الدين النووي - ج ١٥ - الصفحة ٣٣٧
واحد منهما. فإذا وقفه وقفا متصل الابتداء منقطع الانتهاء، كعلى رجل، أو رجل ونسله ففيه وجهان:
(أحدهما) البطلان لأنه منقطع. وهو لا يجوز إلا على الدوام.
(والثاني) أنه يجوز لامكان صرفه إلى أقرب الناس إلى الوقف وإن كانوا أغنياء. وهذا هو أحد القولين عندنا وبه قال أحمد وأصحابه. والثاني يقدم الفقراء منهم وأكثرهم حاجة.
ويحتمل أن يجزأ الوقف ثلاثة أجزاء. فجزء يصرف إلى الغزاة في سبيل الله وجزء يصرف إلى أقرب الناس إليه من الفقراء لأنهم أكثر الجهات ثوابا، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال (صدقتك على ذي القرابة صدقة وصلة) والثالث يصرف إلى من يأخذ الزكاة لحاجته. وهم خمسة أصناف لأنهم أهل حاجة منصوص عليهم في القرآن، فكان من نص الله تعالى عليه في كتابه أولى من غيره وإن ساواه في الحاجة.
(فرع) سبق أن قررنا أن الوقف على من لا يملك باطل، فإذا وقف وقفا متصلا غير منقطع في دوامه واستمراره إلا أنه منقطع في ابتدائه بأن وقفه على عبد أو جنين في بطن أمه على أن يؤول بعد ذلك إلى الفقراء فلأصحابنا طريقان، الأول يبطل لبطلان أوله قولا واحدا. والثاني يصح لصحة استمراره ودوامه فيصير أوله كأن لم يكن ويصرف الوقف على وجهه الصحيح وقد بحث الرملي في شرحه على المنهاج المسألة فقال: ولو قال وقفت على أولادي أو على زيد ثم نسله أو نحوهما مما لا يدوم ولم يزد على ذلك فالأظهر صحة الوقف، لان مقصوده القربة والدوام، فإذا بين مصرفه ابتداء سهل إدامته على سبيل الخير، فإذا انقرض الذكور أو لم تعرف أرباب الوقف فالأظهر أنه يبقى وقفا، لان وضع الوقف الدوام كالعتق، ولأنه صرفه عنه فلا يعود، كما لو نذر هديا إلى مكة فرده فقراؤها.
(والثاني) يرتفع الوقف ويعود ملكا للواقف أو إلى ورثته إن كان مات، لان بقاء الوقف بلا مصرف متعذر، وإثبات مصرف لم يذكره الواقف بعيد
(٣٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 332 333 334 335 336 337 338 339 340 341 342 ... » »»
الفهرست