ملك على وجه التقرب إلى الله تعالى، وما أطلق من كلام الآدميين محمول على المعهود في الشرع، فعلى هذا يكون حكمه حكم الوقف المتصل الابتداء المنقطع الانتهاء فيصرف إلى أقرب الناس إليه، والله تعالى أعلم بالصواب قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) ولا يصح الوقف الا بالقول، فإن بنى مسجدا وصلى فيه أو أذن للناس بالصلاة فيه لم يصر وقفا، لأنه إزالة ملك على وجه القربة فلم يصح من غير قول مع القدرة كالعتق، وألفاظه ستة: وقفت. وحبست. وسلبت. وتصدقت وأبدت وحرمت.
فأما الوقف والحبس والتسبيل فهي صريحة فيه، لان الوقف موضوع له ومعروف به، والتحبيس والتسبيل ثبت لهما عرف الشرع ن فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر رضي الله عنه: حبس الأصل وسبل الثمرة. وأما التصدق فهم كناية فيه لأنه مشترك بين الوقف وصدقة التطوع فلم يصح الوقف بمجرده، فإن اقترنت به نية الواقف أو لفظ من الألفاظ الخمسة بأن يقول: تصدقت به صدقة موقوفة أو محبوسة أو مسبلة أو مؤبدة أو محرمة، أو حكم الوقف بأن يقول:
صدقة لا تباع ولا توهب ولا تورث صار وقفا، لأنه مع هذه القرائن لا يحتمل غير الوقف، وأما قوله: حرمت وأبدت ففيه وجهان (أحدهما) أنه كناية فلا يصح به الوقف الا بإحدى القرائن التي ذكرنا، لأنه لم يثبت له عرف الشرع ولا عرف اللغة فلم يصح الوقف بمجرده كالتصدق (والثاني) أنه صريح لان التأبيد والتحريم في غير الابضاع لا يكون الا بالوقف فحمل عليه (فصل) وإذا صح الوقف لزم وانقطع تصرف الواقف فيه، لما روى ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر رضي الله عنه:
ان شئت حبست أصلها وتصدقت بها لا تباع ولا توهب ولا تورث. ويزول ملكه عن العين.
ومن أصحابنا من خرج فيه قولا آخر أنه لا يزول ملكه عن العين، لان