قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) واختلف أصحابنا في الوقت الذي تعتبر فيه الشروط التي تصح بها الوصية إليه، فمنهم من قال يعتبر ذلك عند الوفاة، فإن وصى إلى صبي فبلغ أو كافر فاسلم أو فاسق فصار عدلا قبل الوفاة صحت الوصية، لان التصرف بعد الموت فاعتبرت الشروط عنده كما تعتبر عدالة الشهود عند الأداء أو الحكم دون التحمل، ومنهم من قال: تعتبر عند العقد وعند الموت، ولا تعتبر فيما بينهما، لان حال العقد حال الايجاب، وحال الموت حال التصرف فاعتبر فيهما. ومنهم من قال: تعتبر في حال الوصية وفيما بعدها، لان كل وقت من ذلك يجوز ان يستحق فيه التصرف بان يموت، فاعتبرت الشروط في الجميع.
(فصل) وإن وصى إلى رجل فتغير حاله بعد موت الموصى - فإن كان لضعف - ضم إليه معين امين، وإن تغير بفسق أو جنون بطلت الوصية إليه ويقيم الحاكم من يقوم مقامه.
(فصل) ويجوز ان يوصى إلى نفسين. لما روى أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم جعلت النظر في وقفها إلى علي كرم الله وجهه، فإن حدث به حدث رفعه إلى ابنيها فيليانها، ويجوز ان يجعل إليهما والى كل واحد منهما لأنه تصرف مستفاد بالاذن، فكان على حسب الاذن، فإن جعل إلى كل واحد منهما جاز لكل واحد منهما ان ينفرد بالتصرف، فان ضعف أحدهما أو فسق أو مات جاز للآخر ان ينصرف ولا يقام مقام الاخر غيره لان الموصى رضى بنظر كل واحد منهما وحده، فان وصى إليهما لم يجز لأحدهما ان ينفرد بالتصرف لأنه لم يرض بأحدهما، فان ضعف أحدهما ضم إليه من يعينه، فان فسق أحدهما أو مات أقام الحاكم من يقوم مقامه لان الموصى لم يرض بنظره وحده، فان أراد الحاكم ان يفوض الجميع إلى الثاني لم يجز لأنه لم يرضى الموصى باجتهاده وحده فان ماتا أو فسقا فهل للحاكم ان يفوض إلى واحد. فيه وجهان (أحدهما) يجوز، لأنه سقط حكم الوصية بموتهما وفسقهما فكان الامر فيه إلى الحاكم (والثاني) لا يجوز لأنه لم يرضى بنظر واحد، وان اختلف