في الوصية الأولى، وبهذا قال ربيعة ومالك والشورى والشافعي وإسحاق وأحمد ابن حنبل وابن المنذر وأصحاب الرأي. وقال جابر بن زيد والحسن وعطاء وطاوس وداود بن علي وصيته للآخر منهما، لأنه وصى للثاني بما وصى به للأول فكان رجوعا، كما لو قال: ما وصيت به لبشر فهو لبكر، ولان الثانية تنافى الأولى، فإذا أتى بها كان رجوعا، كما لو قال: هذا لورثتي ولنا أنه وصى لهما فاستويا فيها، كما لو قال لهما: وصيت لكما بسيارتي، وما قاسوا عليه صرح فيه بالرجوع عن وصيته. وفى مسألتنا يحتمل أنه قصد التشريك فلم تبطل وصية أحدهما بالشك.
وإن قال: ما أوصيت به لبشر فهو لبكر كان ذلك رجوعا في الوصية لبشر.
وهذا قول الشافعي وأبي ثور وأصحاب الرأي، وهو أيضا مذهب الحسن وعطاء وطاوس ولا نعلم فيه مخالفا، لأنه صرح بالرجوع عن الأول بذكره أن ما أوصى به مردود إلى الثاني، فأشبه ما لو قال رجعت عن وصيتي لبشر وأوصيت بها لبكر بخلاف ما إذا أوصى بشئ واحد لرجلين أحدهما بعد الاخر، فإنه يحتمل أنه قصد التشريك بينهما، وقد ثبتت وصية الأول يقينا فلا تزول بالشك وإن قال ما أوصيت به لفلان فنصفه أو ثلثه كان رجوعا في القدر الذي وصى به للثاني خاصة وباقيه للأول.
وأجمع أهل العلم على أن للوصي أن يرجع في جميع ما أوصى به وفى بعضه الا الوصية بالاعتاق،، وبعضهم على جواز الرجوع في الوصية به أيضا. وروى عن عمر رضي الله عنه أنه قال: يغير الرجل ما شاء من وصيته، وبه قال عطاء وجابر بن زيد والزهري وقتادة ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور.
وقال الشعبي وابن سيرين وشبرمة والنخعي: يغير منها ما شاء الا العتق، لأنه اعتاق بعد الموت فلم يملك تغيير تغييره كالتدبير.
ولنا أنها وصيه فملك الرجوع عنها كغير العتق، ولأنها عطيه تنجز بالموت فجاز له الرجوع عنها قبل تنجيزها، كهبة ما يفتقر إلى القبض قبل قبضه، وفارق التدبير فإنه تعليق على شرط فلم يملك تغييره كتعليقه على صفه الحياة