يقتضى المنع في هذه الصورة لوقوعه زائدا على ما شرطه الواقف، وان خالفه ابن الأستاذ وقال: ينبغي ان يصح نظرا إلى ظاهر اللفظ.
(فرع) مذهبنا انه لا تصح إجارة المسلم للجهاد في سبيل الله لحرب أعداء الدين، لان الجهاد فرض عليه ما دام مستطيعا، ولأنه إذا حضر الصف تعين عليه القتال فريضة، ويصح للامام ان يستأجر غير المسلمين لقتال غير المسلمين من الكفار. ولا يصح استئجار المسلم لعبادة تحتاج إلى نية الا الحج وتفرقة الزكاة أو تعليم قرآن، وتصح الإجارة لتجهيز ميت ودفنه، وتصح الإجارة للصوم عن الميت، وتصح لذبح الهدى والأضاحي ونحوها. ويصح الاستئجار لشعار غير فرض كالاذان.
قال الشربيني في المغنى: ولا يصح الاستئجار للإمامة ولو نافلة كالتراويح لان فائدتها من تحصيل فضيلة الجماعة لا تحصل للمستأجر بل للأجير، ويصح استئجار بيت ليتخذه مصلى، وصورته كما قال صاحب الانتصار ان يستأجره للصلاة، أما إذا استأجره ليجعله مسجدا فلا يصح بلا خلاف، ولا يصح الاستئجار لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم. قال الرملي وغيره: فزيارة قبر غيره أولى. هكذا أفاده الخطيب الشربيني وشمس الدين الرملي الشبراملسي في شروحهم لمنهاج النووي، وعزا الرملي إلى الماوردي هذا ووافقه عليه. والله أعلم قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) فإن اكرى ظهرا من رجلين يتعاقبان عليه أو اكترى من رجل عقبة ليركب في بعض الطريق دون بعض جاز. وقال المزني: لا يجوز اكتراء العقبة الا مضمونا لأنه يتأخر حق أحدهما عن العقد فلم يجز، كما لو اكراه ظهرا في مدة تتأخر عن العقد، والمذهب الأول، لان استحقاق الاستيفاء مقارن للعقد، وإنما يتأخر عن القسمة وذلك لا يمنع صحة العقد، كما لو باع من رجلين صبرة فإنه يصح، وان تأخر حق أحدهما عند القسمة، فإن كان ذلك في طريق فيه عادة في الركوب والنزول، جاز العقد عليه مطلقا، وحملا في الركوب والنزول على العقادة لأنه معلوم بالعادة. فحمل الاصلاق عليه كالنقد المعروف