الوقف حبس العين وتسبيل المنفعة، وذلك لا يوجب زوال الملك. والصحيح هو الأول، لأنه سبب يزيل ملكه عن التصرف في العين والمنفعة فأزال الملك كالعتق. واختلف أصحابنا فيمن ينتقل الملك إليه، فمنهم من قال: ينتقل إلى الله تعالى قولا واحدا، لأنه حبس عين وتسبيل منفعة على وجه القربة فأزال الملك إلى الله تعالى كالعتق ومنهم من قال فيه قولان (أحدهما) أنه ينتقل إلى الله تعالى وهو الصحيح لما ذكرنا (والثاني) أنه ينتقل إلى الموقوف عليه لان ما أزال المالك عن العين لم يزل المالية تنقل إلى الآدمي كالصدقة (فصل) ويملك الموقوف عليه غلة الوقف، فإن كان الموقوف شجرة ملك ثمرتها وتجب عليه زكاتها، لأنه يملكها ملكا تاما فوجب زكاتها عليه، فإن كان حيوانا ملك صوفه ولبنه، لان ذلك من غلة الوقف وفوائده فهو كالثمرة، وهل يملك ما تلده؟ فيه وجهان (أحدهما) يملكه لأنه نماء الوقف فأشبه الثمرة وكسب العبد (والثاني) أنه موقوف كالأم لان كل حكم ثبت للام يتبعها فيه الولد كحرمة الاستيلاد في أم الولد، وإن كان جارية ملك مهرها لأنه بدل منفعتها ولا يملك وطأها، لان في أحد القولين لا يملكها، وفى الثاني يملكها ملكا ضعيفا فلم يملك به الوطئ، فإن وطئها لم يلزمه الحد لأنه في أحد القولين يملكها، وفى الثاني له شبهة ملك. وفى تزويجها وجهان (أحدهما) لا يجوز، لأنه ينقص قيمتها وربما تلفت من الولادة فيدخل الضرر على من بعده من أهل الوقف (والثاني) يجوز لأنه عقد على منفعتها فأشبه الإجارة. فإن قلنا إنها للموقوف عليه كان تزويجها إليه، وإن قلنا إنها تنتقل إلى الله تعالى كان تزويجها إلى الحاكم كالحرة التي لا ولى لها ولا يزوجها الحاكم إلا بإذن الموقوف عليه، لان له حقا في منافعها فلم يملك التصرف فيها وبغير اذنه، فإن أتت ولد مملوك كان الحكم فيه كالحكم فيما تلد البهيمة (فصل) وان أتلفه الواقف أو أجنبي فقد اختلف أصحابنا فيه على طريقين فمنهم من قال يبنى على القولين، فإن قلنا إنه للموقوف عليه وجبت القيمة له لأنه
(٣٤١)