وسأله عن الشاة فقال: خذها فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب) متفق عليه.
فعليه أن يقوم بشروط تعريفها ثم له بعد الحول إن لم يأت صاحبها أن يتملكها وإن كان مدفونا فضربان جاهلي وإسلامي، فإن كان إسلاميا فلقطة أيضا وهي على ما ذكرنا، وإن كان جاهليا فهو ركاز يملكه واجده وعليه وإخراج خمسه في مصرف الزكوات للحديث (وفى الركاز الخمس).
وإن كانت اللقطة بمكة فمذهب الشافعي رضي الله عنه أنه ليس لواجدها أن يتملكها، وعليه إن أخذها أن يقيم بتعريفها أبدا بخلاف سائر البلاد، وقال بعض أصحابنا: مكة وغيرها سواء في اللقطة استدلالا بعموم الخبر، وهذا خطأ لقوله صلى الله عليه وسلم (إن أبى إبراهيم حرم مكة، فلا يختلى خلاها ولا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها ولا تحل لقطتها إلا لمنشد) وفى المنشد تأويلان: أحدهما وهو قول أبى عبيد: إنه صاحبها الطالب، والناشد هو المعرف الواجد لها.
قال الشاعر:
يصيخ للبناة أسماعه * إصاخة الناشد للمنشد فكأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل أن يتملكها إلا صاحبها التي هي له دون الواجد، والتأويل الثاني وهو للشافعي رضي الله عنه أن المنشد الواجد المعرف، والناشد هو المالك الطالب، وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا ينشد ضالة في المسجد فقال (أيها الناشد غيرك الواجد) يعنى لا وجدت كأنه دعا عليه، فعلى هذا التأويل معنى قوله: لا تحل لقطتها إلا لمنشد أي لمعرف يقيم على تعريفها ولا يتملكها، فكان في كلا التأويلين دليل على تحريم تملكها، ولان مكة لما باينت غيرها في تحريم صيدها وشجرها تغليظا لحرمتها باينت غيرها في ملك اللقطة، ولان مكة لا يعود الخارج منها غالبا الا بعد حول ان عاد، فلم ينتشر انشادها في البلاد كلها، فلذلك وجب عليه مداومة تعريفها، ولا فرق بين مكة وبين سائر الحرم لاستواء جميع ذلك في الحرمة.