فأما عرفة ومصلى إبراهيم عليه السلام ففيه وجهان. أحدهما: أنه حل تحل لقطته قياسا على جميع الحل. والثاني: أنه كالحرم لا تحل لقطته الا لمنشد لان ذلك مجمع الحاج، ثم اختلفوا في جواز انشادها في المسجد الحرام مع اتفاقهم على تحريم انشادها في غيره من المساجد على وجهين (أصحهما) جوازه اعتبارا بالعرف وأنه مجمع الناس.
(فرع) إذا ضاعت اللقطة من ملتقطها بغير تفريط فلا ضمان عليه لأنها أمانه في يده فأشبهت الوديعة، فإن التقطها آخر فعرف أنها ضاعت من الأول فعليه ردها إليه لأنه قد ثبت له حق التمول، وولاية التعريف والحفظ، فلا يزول ذلك بالضياع. فإن لم يعلم الثاني بالحال حتى عرفها حولا ملكها، لان سبب الملك وجد منه من غير عدوان فثبت الملك به كالأول، ولا يملك الأول انتزاعها. لان الملك مقدم على حق التملك، وإذا جاء صاحبها فله أخذها من الثاني، وليس له مطالبة الأول لأنه لم يفرط، وان علم الثاني بالأول فردها إليه فأبى أخذها وقال عرفها أنت فعرفها ملكها أيضا، لان الأول ترك حقه فسقط، وان قال: عرفها وتكون بيننا ففعل صح أيضا وكانت بينهما لأنه أسقط حقه من نصفها ووكله في الباقي، وان قصد الثاني بالتعريف تملكها لنفسه دون الأول احتمل وجهين.
(الأول) يملكها، لان سبب الملك وجد منه فملكها كما لو أذن له الأول في تعريفها لنفسه.
(والثاني) لا يملكها لأن ولاية التعريف للأول أشبه ما لو غصبها من الملتقط غاصب فعرفها، وكذلك الحكم إذا علم الثاني بالأول فرفعها ولم يعلمه بها، ويشبه هذا المتحجر في الموات إذا سبقه غيره إلى ما حجره فأحياه بغير اذنه، فأما ان غصبها غاصب من الملتقط فعرفها لم يملكها وجها واحدا، لأنه معتد بأخذها ولم يوجد منه سبب تملكها، فإن الالتقاط من جملة السبب ولم يوجد منه، ويفارق هذا ما إذا التقطها ثان فإنه وجد منه الالتقاط والتعريف.
(فرع) إذا التقطها اثنان فعرفاها حولا ملكاها جميعا، وإن قلنا بوقوف الملك على الاختيار فاختار أحدهما دون الآخر ملك المختار نصفها دون الآخر