جاز له الايداع والاقراض، فان قدر على الايداع دون الاقراض أودع، ولا يودع إلا ثقة، وان قدر على الاقراض دون الايداع أقرضه، ولا يقرضه إلا ثقة مليئا، لان غير الثقة يجحد، وغير الملئ لا يمكن أخذ البدل منه، فان أقرض ورأي أخذ الرهن عليه أخذ، وان رأى ترك الرهن لم يأخذ وإن قدر على الايداع والاقراض فالاقراض أولى، لان القرض مضمون بالبدل والوديعة غير مضمونة فكان القرض أحوط، فان ترك الاقراض وأودع ففيه وجهان (أحدهما) يجوز لأنه يجوز كل واحد منهما، فإذا قدر عليهما تخير بينهما (والثاني) لا يجوز لقوله تعالى (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن) والاقراض ههنا أحسن فلم يجز تركه، ويجوز أن يقترض له إذا دعت إليه الحاجة ويرهن ماله عليه لان في ذلك مصلحة له فجاز (الشرح) إذا خاف على ماله من نهب أو غرق أو حريق ولم يقدر الولي على المسافرة به، أو أراد الولي السفر إلى موضع لا يمكنه نقل المال إليه، أو يحتاج في نقله إلى مؤنة مجحفة جاز أن يودعه أو يقرضه في هذه الأحوال، فان قدر على الايداع دون الاقراض أودعه ثقة، وان قدر على الاقراض دون الايداع أقرضه ثقة مليئا وأشهد عليه، لان غير الثقة يجحد وغير الملئ لا يمكن أخذ المال منه أو بدله إذا تلف، فان رأى أن المصلحة والحظ في أخذ الرهن أخذه، وان رأى أن " التي هي أحسن " في ترك الرهن تركه ولم يأخذه بأن يكون الموضع مخوفا وكان الولي ممن يرى سقوط الحق يتلف الرهن، لأنه لاحظ له في أخذ الرهن مع ذلك. وان قدر على الاقراض ففيه وجهان (أحدهما) يجوز لان كل واحد منهما يجوز فيميز بينهما (والثاني) لا يجوز، لان الاقراض أحظ له، فإذا نزل الاحظ ضمن.
(فرع) فأما الاقراض له فيجوز إذا دعته إلى ذلك حاجة للنفقة عليه والكسوة أو النفقة على عقارة المنهدم إذا كان له مال غائب فتوقع قدومه أو ثمرة ينتظرها يفي بذلك، وان لم يكن له شئ ينتظر فلاحظ له في الاقراض، بل يبيع عليه شيئا من أصوله ويصرف في نفقته.