وان غصب رجل من رجل عينا فرهنها عند آخر وقبضها المرتهن فأتلفها أو تلفت عنده بغير تفريط، فإن كان عالما بأنها مغصوبة فللمغصوب منه أن يرجع بقيمتها على الغاصب أو المرتهن لأنه أتلفها ولأنه كان عالما بغصبها فيستقر عليه الضمان لحصول التلف في يده، وان رجع المغصوب منه على المرتهن لم يرجع المرتهن على الراهن لأن الضمان استقر عليه. وإن كان المرتهن غير عالم لكونها مغصوبة وتلفت عنده من غير تفريط فللمغصوب منه أن يرجع على الغاصب لأنه أخذها من مالكها متعديا.
وهل للمالك أن يرجع على المرتهن؟ فيه وجهان (أحدهما) لا يرجع عليه لأنه أخذها على وجه الأمانة (والثاني) يرجع عليه لأنه أخذها من يد ضامنه.
وإذا قلنا يرجع على المرتهن، فهل للمرتهن أن يرجع بما ضمنه على الراهن؟
قال أبو العباس بن سريج من أئمتنا: لا يرجع لأنه تلف في يده فاستقر الضمان عليه. وفيه وجه آخر. ولم يقل الشيخ أبو حامد في التعليق غير أنه يرجع عليه، لان المرتهن أمين فلا يضمن بغير تعد، فيكون تلف الرهن من ضمان الراهن، فرجع بالقيمة عليه لأنه غره. وان بدا المغصوب منه المرتهن أنه لا يرجع على الراهن رجع الراهن ها هنا على المرتهن وقال في الام " ولو رهنه رهنا على أنه إذا دفع الحق وقضاه أخذ الرهن، وان لم يقض له بدينه فالرهن والبيع فاسدان " وهذا صحيح قال العمراني: أما الرهن فبطل لأنه مؤقت لمحل الدين ومن شأنه أن يكون مطلقا. وأما البيع فبطل لأنه ملق بزمان مستقبل، فيكون هذا الرهن في يد المرتهن إلى أن يحل الحق غير مضمون عليه لأنه مقبوض عن رهن فاسد، وحكم المقبوض في الضمان عن العقد الفاسد كالمقبوض عن العقد الصحيح، فان تلف الرهن لم يضمن وإذا حل الحق كان مضمونا على المرتهن لأنه مقبوض عن بيع فاسد فضمنه كالمقبوض عن بيع صحيح فعلى هذا إذا تلف في يده لزمه ضمانه سواء فرط فيه أو لم يفرط